زيادة الأجور مغيّبة عن موازنة العام القادم وخوارزمية رقمية للضبوط مُشكك بصحتها
دمشق – ميس بركات
في الوقت الذي انطلقت به دوريات حماية المستهلك لتطبيق إجراءاتها القاسية برأيها والمدغدغة للتجار برأي المواطن المنتظر لأي “قشة أمل” برفع الرواتب والأجور، أعلنت رئاسة مجلس الوزراء موازنتها للعام القادم بزيادة 24.2% الأمر الذي وجد به أصحاب الشأن الاقتصادي إقرار واعتراف بالتضخم حيث تمت زيادة الموازنة بمقدار التضخم، ليؤكد الخبير الاقتصادي عامر شهدا في تصريح لـ”البعث” أن هذه الموازنة ما هي إلا إثبات حقيقي لعجز المصرف المركزي عن لجم التضخم، إضافة إلى أنه إعلان شفهي من اللجنة الاقتصادية الموجودة بالحكومة بعجزها عن إيجاد حلول أو فكر مبدع يبتكر حل من أجل كبح جماح هذا التضخم، ناهيك عن عجزها على المحافظة على القدرة الشرائية لليرة السورية بالتالي زيادة تراجع قدرة الدخل على الاستهلاك.
وانتقد شهدا عدم وجود تخصيص اعتماد لزيادة الرواتب، فما تم تخصيصه في الموازنة لا يخرج من دائرة اعتماد للرواتب لاستقدام موظفين جدد، وهذا يعني إبقاء الوضع على ما هو عليه والاستمرار بضعف قدرة الدخل على الاستهلاك وزيادة الفقر وتراجع للإنتاج يرافقه اتخاذ بعض المنتجين لقرار إغلاق معاملهم في الوقت الذي ندعو به المستثمرين لفتح مشاريعهم وسط فوضى عارمة متجاهلين ومتناسين عدم وجود أي دولة في العالم تدعو للاستثمار ما لم تكن قدرة المواطن على الاستهلاك ممتازة ، لاسيّما وأن أي مستثمر يدرس القدرة الشرائية للمواطن. فارتفاع الطلب وسرعة الاستهلاك ودوران رأس المال هو ما يشجع على الاستثمار، أما إعطاء المصارف للقروض فهي ورقة خاسرة لا تغري المستثمر الذي يملك بالأساس كتلة نقدية يبحث عن سوق لتشغيلها واستثمارها.
الخبير الاقتصادي تطرق إلى التخبط الكبير الذي تعيشه الأسواق اليوم ويدفع ضريبته المواطن في كل ساعة، لافتاً إلى وجود عشرات إشارات الاستفهام حول حجج غرفة التجارة التي أعلنت حين انتشار وباء كورونا أن تكلفة الحاوية من الصين إلى سورية وصلت إلى 17 ألف دولار بالتالي ارتفعت الأسعار، أما حالياً فتكلفة نقل الحاوية من الصين إلى سورية تتراوح بين 3500 و5000 دولار مع ارتفاع غير مسبوق للأسعار، فهل من مجيب على تساؤلات الجميع “على أي أساس يتم التسعير؟!”.
وإذا ما كان تصريح وزير التجارة الداخلية وتبريره ارتفاع الأسعار بالرسوم الإضافية “رسوم الإدارة المحلية وإعادة الاعمار”- والكلام لشهدا – نقول: إن المصرف المركزي قام برفع سعر الصرف 7%، في المقابل هبطت أجور الشحن 80%، ورسوم إعادة الاعمار والإدارة المحلية لا تتجاوز الـ 3%، والأسعار المحلية في تزايد.
وانتقد شهدا محاباة التجارة الداخلية وحماية المستهلك للتجار خاصة بعد إعلان الوزير لرفعه مقترح تخفيض الرسوم الجمركية للجنة الاقتصادية والذي هو مطلب أساسي للتجار بدلاً من إلزام التجار بتخفيض الأسعار بعد انخفاض أجور الشحن، ناهيك عن تجاهل رأي مصدر في غرفة التجارة تحدث به عن تسعير التجار للسلع بناء على سعر الصرف بـ 7000 ليرة ومرور هذا التصريح مرور الكرام دون مساءلة له وللتجار والمضاربين الذين يسعرون سلعهم على سعر السوق السوداء، الأمر الذي يؤكد أن أذن حماية المستهلك صاغية وبشدّة لمطالب التجار على حساب لقمة المواطن، واستهجن شهدا عمل الدوريات الاستعراضية في شوارع دمشق خاصّة مع يقين التجار لكلمة سرهم ومفتاح جيبهم، مع غياب شبه تام لهذه الدوريات في باقي المحافظات وغياب أكيد لأرقام وإحصائيات حقيقية لضبوطها خاصّة مع فقدان المواطن ثقته بعمل الوزارة ودورياتها وخوارزمية أرقامها المشكك بصحتها.