روسيا تجري تدريباتٍ على ضربة نووية “مرتدة”.. وبوتين: أوكرانيا أصبحت أداة أمريكية
موسكو – تقارير:
“أعذر من أنذر”.. ربما يكون هذا لسان حال المسؤولين الروس الذين دأبوا خلال الفترة الماضية على تحذير الغرب من نية النظام في كييف استخدام “القنبلة القذرة” في الأراضي الأوكرانية لاتهام روسيا بذلك، ولكن بعد أن أصرّ الغرب على عدم الإنصات للنصيحة يتعيّن على روسيا التحضير فعلياً لكيفية التعامل مع الأمر بعد وقوع الكارثة، وهذا بالفعل ما تقوم به القيادة الروسية الآن، إذ لا فائدة من انتظار قناعة الغرب المتواطئ مع الإرهاب الأوكراني بصدقية التحذيرات التي أطلقتها موسكو.
وفي التفاصيل، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن أوكرانيا فقدت سيادتها عملياً بعدما أصبحت أداة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة، مشيراً إلى أن بعض الأطراف تحاول الحفاظ على الهيمنة بأي شكل من الأشكال، رغم أن العالم أصبح متعدّد الأقطاب.
وقال بوتين خلال اجتماع مجلس رؤساء الأجهزة الأمنية وأجهزة الاستخبارات لرابطة الدول المستقلة اليوم: إن “أوكرانيا أصبحت أداة للسياسة الخارجية الأميركية، إذ فقدت البلاد سيادتها عملياً والولايات المتحدة تسيطر عليها بشكل مباشر”، مشدّداً على أن احتمالات الصراع في العالم والمنطقة لا تزال مرتفعة للغاية.
وأضاف بوتين: إن “الولايات المتحدة تستخدم أوكرانيا كمضرب ضد روسيا وضد دولتنا الموحّدة مع جمهورية بيلاروس، وضد منظمة معاهدة الأمن الجماعي ورابطة الدول المستقلة كلها”، مشيراً إلى أن الأراضي الأوكرانية تم تحويلها إلى حلبة للتجارب البيولوجية كما يتم ضخّها بالأسلحة.
ولفت بوتين إلى أن بلدان الدول المستقلة كلها أو على مستوى البلدان المنفردة لم تواجه مثل هذه التهديدات الإرهابية من قبل، مبيّناً أن محاولات تنفيذ الثورات الملوّنة في بلدان رابطة الدول المستقلة لا تتوقف بل يتم استخدام أوراق القومية والتطرّف بشكل نشط، وإشعال النزاعات والصراعات المسلحة التي تهدّد بشكل مباشر أمن جميع أعضاء الرابطة.
وقال بوتين: إن “المهمة المشتركة لدول الرابطة هي حماية السكان قدر الإمكان، وضمان وتعزيز الاستقرار أمام هذه التهديدات الإرهابية المعقدة”، لافتاً في الوقت نفسه إلى ضرورة مواصلة تطوير عمليات التكامل وتبادل المنفعة بين دول الرابطة، التي أصبحت على مدى العقود الماضية أنموذجاً يحتذى به للشراكات الحقيقية.
وفي السياق ذاته، أكد رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين أن أوكرانيا فقدت قدرتها على الوجود كدولة وهي بلد “محتل” من الناتو وأصبحت مستعمرة للولايات المتحدة.
ونقل موقع روسيا اليوم عن فولودين قوله في صفحته على تلغرام: “أوكرانيا فقدت بشكل كامل استقلالها، وأصبحت محتلة من حلف الناتو وتحوّلت إلى مستعمرة للولايات المتحدة، حيث تصدر الأوامر لكييف من واشنطن، والقوات الأوكرانية يقودها البنتاغون”.
وأشار فولودين إلى أن النظام المالي في أوكرانيا مدمّر ونظام كييف لا يمكنه تنفيذ ضماناته الاجتماعية أمام مواطنيه وخاصة دفع الأجور والمعاشات بشكل مستقل، لافتاً إلى أن الفائدة على ديون أوكرانيا التي قد تتجاوز 100 مليار دولار تتزايد كل يوم ما يعني أنها فقدت القدرة على الوجود كدولة.
من جهة ثانية، أشرف بوتين على تنفيذ تدريبات قوات الردع الاستراتيجي، حيث نفّذت القوات المهام الموكلة إليها كاملة وأصابت الصواريخ التي تم إطلاقها أهدافها.
ونقلت وكالة سبوتنيك عن الكرملين قوله في بيان اليوم: إنه تم تنفيذ تدريبات لقوات الردع الاستراتيجي البرية والبحرية والجوية تحت قيادة الرئيس فلاديمير بوتين، وتم خلالها إطلاق صواريخ باليستية وصواريخ مجنّحة.
وأضاف البيان: إنه تم إطلاق صاروخ يارس الباليستي العابر للقارات من قاعدة الفضاء التجريبية بليسيتسك وصاروخ سينيفا الباليستي من بحر بايرينتس، كما شاركت الطائرات البعيدة المدى من طراز تو95 إم إس التي أطلقت صواريخ مجنّحة في تنفيذ المهام.
من جانبه أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن روسيا تجري تدريباتٍ على توجيه ضربة نووية ردّاً على ضربة نووية.
وقال شويغو للرئيس بوتين: إنه وفقاً لخطة تدريب القوات المسلحة الروسية يتم إجراء تدريب لقيادة القوات المسلحة الروسية، حيث يتم خلاله القيام بمهام نووية ضخمة وستعمل القوات الهجومية الاستراتيجية على ردّ ضربة نووية من العدو.
وفي السياق، بحث وزير الدفاع الروسي في اتصال هاتفي مع نظيره الهندي راجناث سينغ اليوم الوضع في أوكرانيا.
وذكرت وكالة نوفوستي الروسية أن شويغو أعرب في الاتصال عن مخاوفه تجاه الاستفزازات الأوكرانية المحتملة باستخدام “القنبلة النووية القذرة”.
وكان قائد قوات الدفاع الإشعاعي والكيماوي والبيولوجي بالقوات الروسية الجنرال إيغور كيريلوف قال مؤخراً: “إن وزارة الدفاع الروسية لديها معلومات حول خطط كييف لاستخدام “قنبلة قذرة” لتلقي باللوم على موسكو في ذلك”.
إلى ذلك، أكد نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة ديمترى بوليانسكي أن الدول الغربية لا تظهر أي استعداد للتعاون مع روسيا، بشأن قضية “القنبلة القذرة” الأوكرانية.
ونقلت وكالة تاس الروسية عن بوليانسكي قوله في حديث تلفزيوني اليوم: إنه على الأقل حسب التعليقات التي سمعناها لا يوجد استعداد لمثل هذا التعاون من جانب الغرب، الذي واصل الادّعاء بأن كل ذلك معلومات مضللة، وأنه لا يمكن الوثوق بروسيا.
وأضاف بوليانسكي: إن الغربيين يزعمون أننا نستخدم منبر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لنشر معلومات لم يتم التحقق منها، مشدّداً على أن روسيا تحثّ وتدعو الدول الغربية للتأثير في أوكرانيا من أجل منع استفزاز “القنبلة القذرة”.
وكان بوليانسكي كشف أمس عن حدوث لغط في أوساط النظام الحاكم في كييف على خلفية بيانات روسيا حول خططه لاستخدام “قنبلة قذرة”، مشدّداً على أن هناك العديد من الدلائل على أنهم يحاولون بطريقة ما إخفاء برنامجهم للقنبلة القذرة.
من جانبه، جدّد السفير الروسي لدى واشنطن أناتولي أنطونوف التأكيد أن موسكو لا تعتزم ولا تخطط لاستخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا.
وقال أنطونوف في حديث لصحيفة نيوزويك الأمريكية نشر اليوم: “قلنا مراراً وتكراراً إن روسيا لم ولا تعتزم استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا، ولم تذكر أي من قيادات البلاد أو الإدارة العسكرية في أي مكان وفي أي وقت إمكانية اللجوء إلى أسلحة الدمار الشامل”، مشدّداً على أن الغرب هو من لا يستجيب لتحذيرات روسيا بشأن استفزاز أوكرانيا الوشيك باستخدام القنبلة القذرة، بينما يستعدّ الغرب في إطار رغبته الجنونية في تشويه سمعة روسيا وتبييض أوكرانيا للمخاطرة بأمن مواطنيه ورفاههم وحياتهم.
وأوضح أنطونوف أن لدى وزارة الدفاع الروسية معلوماتٍ تفيد بأن تصنيع هذه القنبلة في مراحله النهائية، مضيفاً: إن المقلق هو حقيقة أن لدى كييف قاعدة الإنتاج الضرورية والإمكانيات العلمية والتقنية، حيث توجد 3 محطات طاقة نووية عاملة وبها 9 مجمّعات وقود نووي مستنفد.
وتابع أنطونوف: إنه بدلاً من الضغط على الأجنحة الأوكرانية التي فقدت عقلها بالكامل تزوّدهم واشنطن وحلفاؤها بالمساعدات المالية والعسكرية ليصبح هؤلاء في واقع الأمر راعين ومتواطئين مع الإرهاب النووي، مشيراً إلى أنه في ظل حالة الهيستيريا المعادية للروس يلجؤون إلى صيغة “كل الوسائل جيدة ضد روسيا” بما في ذلك الجنون المطلق وغير الإنساني، داعياً في الوقت ذاته الرأي العام الأمريكي إلى التفكير فيما إذا كان هذا الثمن الباهظ مناسباً لتصفية الحسابات السياسية مع روسيا.
وكانت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أكدت في وقت سابق اليوم أن روسيا حذّرت العالم بشكل جادّ من خطر قيام نظام كييف بتنشيط “القنبلة القذرة”.
وفي تعليقها على تصريح وزير الدفاع الأوكراني ألكسي ريزنيكوف بأن بلاده تعدّ “ميدان رماية” لاختبار مختلف أنواع الأسلحة، قالت زاخاروفا: “نحن كنا أدركنا ذلك وحذرنا العالم من خطر قيام نظام كييف بتنشيط هذه القنبلة”.
وفي سياق آخر، وصفت زاخاروفا سحب أعضاء الكونغرس لرسالتهم إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن أوكرانيا بـ “المنعطفات التي تظهر من خلالها حقيقة الديمقراطية الأمريكية”.