هل سينقذ سوناك بريطانيا؟
تقرير إخباري:
بعد دوامة الفشل السياسي والاقتصادي الذي مُنيت به المملكة المتحدة، في ظل قيادة حزب المحافظين وفشل رئيسيه بوريس جونسون، وليز تراس، اللذين نقلا بريطانيا من السيئ إلى الأسوأ، تفوز اليوم شخصية جديدة من الحزب ذاته بالتزكية برئاسة وزراء بريطانيا فيما يشبه عملية “تبديل الطرابيش”، أو خلق حالة من الإلهاء أو الآمال الوهمية لدى المواطن البريطاني، وإقناعه بحضور “المخلّص” ريشي سوناك الملياردير، المصرفي، ذي البشرة الملوّنة، والعمر الأصغر بين سابقيه، والأصول الآسيوية الذي بدأ رحلته بالاتفاق مع الرئيس الأمريكي جو بايدن على تعزيز تحالف دولتيهما، والوقوف بوجه الصين “الآسيوية”، إضافةً إلى استمرار دعم النظام الأوكراني ضد روسيا، وطبعاً هذا الأمر ينذر بصورة أولية باستمرار ارتهان السياسة الخارجية البريطانية لواشنطن، وبالتالي فإن النهج البريطاني لن يتغيّر نحو الأفضل بل سيستمر في السياق ذاته.
المواطن البريطاني يعيش منذ خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي في عام 2016 مجموعة من النكسات والهزائم الاقتصادية، السابقة لجائحة “كورونا”، والأزمة الأوكرانية، وعلى الرغم من تغيير خمس حكومات وعشرات الوزراء فالنتيجة ما زالت تتمثل في تحرّك المؤشرات نحو الأسفل، وباتت بريطانيا أنموذجاً يرسم الخط البياني المستقبلي “الأسوأ” الذي ستصل إليه دول الاتحاد الأوروبي السائرة نحو مزيد من الانهيار والتفكك.
وهناك آراء للخبراء والمحللين اعتبرت أنّ وصول سوناك لرئاسة الحكومة هو الفرصة الأخيرة التي سيحظى بها حزبه لإعادة شعبيته التي باتت في مهبّ الريح، وإفشال فكرة الذهاب نحو الانتخابات المبكرة.
لكن بالمقابل نلاحظ أن سوناك بدأ خطابه بتبشير المواطن البريطاني بأن القادم سيكون قاسياً، وهذا ينمّ عن استمرار ممارسات ونهج سابقيه، كما أنه أشار إلى أخطاء تراس مبرّراً ذلك بأنها لم تكن عن سوء نية أو مقصودة، ومتذرّعاً بالأزمة الأوكرانية.
والسؤال هنا كيف سينجح سوناك في إعادة شعبية حزبه، إن لم يعُد الاستقرار إلى أسواق بلاده التي أصيبت بالهلع نتيجة القرارات الخاطئة وغير المدروسة لتراس، وكيف سيحلّ أزمات الطاقة وغلاء الكهرباء والصحة والمعونة، حتى بوصفه مصرفياً ووزيراً سابقاً للخزانة، دون أن يخرج بأفكار تتجاوز الصندوق أو الهيمنة الأمريكية؟.
ويرى مجموعة أخرى من الخبراء أن مهمّة سوناك مجرّد تحقيق استقرار بسيط ونسبي في المملكة لمدة سنتين لإيصال حزبه إلى برّ الأمان، وطبعاً ليس لإيصال بريطانيا إلى بر الأمان.
أما الصحف الأمريكية فقد أشارت إلى أنّ سوناك مقبل على الفشل سلفاً، مؤكدةً أنّ الحزب الحاكم استنفد كل ما لديه عبر 12 عاماً من وصوله لرئاسة الحكومة، وسوناك ليس لديه أي جديد، وعلى الرغم من ادّعائه الحذر والسير ببطء لن ينجح لأن تطوّرات أزمة بلاده ستكون سريعة.
لقد أشارت استطلاعات الرأي البريطانية إلى أنّ 63% من المواطنين يؤيّدون إجراء انتخابات مبكرة، ويريدون وصول آخرين إلى السلطة من خارج الحزب الحاكم.
وبذلك تثبت بريطانيا أنها رجل أوروبا المريض وسينعكس فشلها على جميع أوروبا، وخاصةً في ظل الانقسامات وأبرزها الفرنسي – الألماني في القمة الأوروبية الأخيرة، التي ربما تقود دول الاتحاد نحو التفكك مستقبلاً.
بشار محي الدين المحمد