بين القنبلة القذرة والاستفزاز الكيميائي
دأبت الحكومة الروسية خلال الأيام الماضية على تحذير العالم الغربي من أن النظام الأوكراني أصبح في المرحلة الأخيرة من صناعة “القنبلة القذرة”، في محاولة طبعاً لإقناع هؤلاء المشغّلين الغربيين بضرورة كبح جماح هذا النظام قبل أن يتسبّب بحرب نووية في العالم.
روسيا أكدت خطورة ما يقوم به النظام الأوكراني بكل الوسائل المتاحة، وأن القضية لا تقتصر فقط على قيام كييف باستخدام القنبلة القذرة على الأراضي الأوكرانية واتهام موسكو بذلك، لأنه بغض النظر عن الآثار الكارثية للمواد المشعّة على المنطقة والعالم، فإن الرد الروسي على مثل هذا الاستفزاز لن يكون فقط على النظام في كييف، بل سيتعدّى ذلك إلى المشغلين والداعمين الذين يؤمّنون له التغطية السياسية، وهم برفضهم أخذ التحذيرات الروسية على محمل الجدّ، إنما يحرّضونه بشكل غير مباشر على القيام بمثل هذا الاستفزاز.
التحرّك الروسي خلال الأيام الماضية لإقناع الغرب بضرورة منع تنفيذ هذا الاستفزاز، شكّل نوعاً من الصحوة لديهم، وخاصة أنهم علموا أن موسكو عازمة على الردّ على الطرفين، العبد والسيد، أي أن العواصم الغربية لن تكون بمنأى عن ردّ الفعل الروسي في حال حدوث مثل هذا الاستفزاز.
وفي المقلب الآخر، جاء كشف وزارة الدفاع الروسية عن نيّة إرهابيي “جبهة النصرة” تنفيذ استفزازاتٍ باستخدام قذائف تحوي موادّ سامة، بهدف اتهام الجيش العربي السوري بها، متزامناً تقريباً مع تحذير الغرب من “القنبلة القذرة”.
هذا التزامن بين التحذيرين يشير من جهة أخرى إلى أن موسكو تحاول أن تقنع المشغّل الغربي لـ “جبهة النصرة” بمنعها من استخدام هذا الاستفزاز، كما أنه يشير إلى أن الغرب عندما وجد الباب مغلقاً أمام استخدام الاستفزاز النووي في أوكرانيا وسيلة للضغط على روسيا في أوكرانيا، أراد أن يعوّض فشله هناك باستفزاز جديد على الجبهة السورية، ما دام يعتبر (الغرب) المنطقتين (سورية وأوكرانيا) ساحة اشتباك مشتركة.
فالرابط بين الأمرين واضح، وهو أن المسيطر على الأرض التي سيتم فيها الاختبار واحد، وهو الغرب الجماعي الذي وظّف كلا الجهتين (“نظام كييف” و”جبهة النصرة”)، وفي الحالتين سيتم توجيه هذا النوع من الاستفزاز ضدّ المدنيين لاتهام الطرف الآخر بالقيام بهذا الاستفزاز سورية أو روسيا.
فتنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي لديه مختبراتٌ لتجهيز وإعداد المواد السامة في إدلب، يديرها مختصون وخبراء تم تدريبهم من أجهزة استخبارات دول غربية ليتم استخدامهم في تنفيذ هجمات كيميائية مفبركة ضد المدنيين واتهام الدولة السورية، وخاصة جهاز الاستخبارات البريطانية الخارجي “إم آي 6” الذي يشرف في الوقت ذاته على تزويد نظام كييف بمكوّنات القنبلة القذرة، ومسرح العمليات هو المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون في الدولتين.
طلال ياسر الزعبي