اقتصادصحيفة البعث

“الأجرة..” التي تقصم ظهر “التعليم”..!

قسيم دحدل 

بلغت مستويات أكثر من مقلقة عند العديد من العائلات التي سجّلت أبناءها في الجامعات الخاصة، بعد أن قصَّر الحظ أو نقص بضع علامات أو علامة أو أجزاء منها للدخول إلى الجامعات الحكومية الموجودة داخل المدن.

مقلقة جداً، وتحديداً للعائلة التي -كما يُقال- “بتشيل من تمها لتعلم ابنها”. وليس هذا فحسب، بل وقد تكون باعت مصاغها أو عقاراً أو أرضاً كرمى أن يتابع فلذات كبدها تحصيلهم العلمي ويحصلون على الشهادة التي يهون دونها الكثير.

تعاظمت المشكلة إلى الحدّ الذي يمكن أن يهدّد المستقبل الدراسي للأبناء، والسبب أجور النقل العالية وغير المنطقية التي تتقاضاها البولمانات لإيصال الطلبة من مناطق في دمشق إلى جامعاتهم المنتشرة على أوتستراد درعا!.

فأن تبلغ أجرة نقل الطالب الواحد إلى تلك الجامعات 16 ألف ليرة يومياً ذهاباً وإياباً، فهذا يعني أن على ذوي الطالب تأمين ودفع 400 ألف ليرة شهرياً، كون الدوام في تلك الجامعات 4 أيام في الأسبوع..

والمؤلم جداً أن الطالب في أحايين عدة يذهب لحضور محاضرة واحدة فقط، لأنه إن لم يَحضُر يخسر علامات! وأمام هكذا واقع مفروض لا بدّ أن يدفع الـ16 ألف ليرة يومياً، أو يخسر العلامات، لترجّح الكفة لخسارة العلامات، فهي أهون الشرين!.

المفارقة المُدمِعة للعين أيضاً أن البولمانات تكون ممتلئة في أحايين، ورغم ذلك الواقف كما الجالس عليه أن يدفع!.

هذا مثال واحد على التكاليف التي تتحمّلها العائلات التي تعيش شظف الحياة وانكسار القلب والجيب، وذنبها الوحيد أنها تريد تعليم أبناءها! فما بالكم لو دخلنا في تفاصيل وتعداد المصاريف اليومية للطالب ومتطلبات تحصيله الدراسي؟!.. لا نبالغ أن هناك عائلات وصلت للخيار الأمرّ، وهو التخلي عن تعليم أبنائها رغم تفوقهم.

والسؤال الكبير الذي يحتاج لحلّ لا إجابة فقط: إلى متى ستظل أجور النقل، عامة، ونقل الطلبة والتلاميذ ممن يدرسون في جامعات ومدارس وروضات، خاصة (أجرة نقل الطفل لروضته تتراوح بين 100– 200 ألف ليرة شهرياً، يقتضي بعدها النسبي عن مكان سكنهم، وبالتالي يحتاجون لوسائط نقل) على هكذا حال من التكاليف العالية المرهقة، في ظل الأوضاع المادية والمعيشية المتفاقمة فقراً وتقشفاً؟!!.

أليس من الحكمة والمقدور عليه تخصيص تلك الوسائط بكميات مدعومة من مادة المازوت، يتمّ تحديدها استناداً للمسافات التي تقطعها، شأنها شأن السرافيس العاملة على الخطوط داخل المدن وخارجها؟.

مقترح لعلَّ وعسى يمنع عائلات كثيرة من اللجوء لخيار المغامرة بمستقبل أبنائها، والذي هو في الوقت نفسه مستقبل وأمل وطن.

Qassim1965@gmail.com