ثقافةصحيفة البعث

ليندا بيطار تبدع بألوان الغناء وتطلق أغنيتها “عم احلم”

ملده شويكاني

“خليني احلم خليني ما أعرف أنا مين”، الأغنية العاطفية الجديدة التي أطلقتها ليندا بيطار -كلمات وألحان وتوزيع الموسيقي سمير كويفاتي-، والتي تسرد حكاية حلم يتمنّى من خلالها الحبيب عودة المحبّ، بمرافقة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله على مسرح الأوبرا، وبمشاركة العازف إياد جناوي على البيانو في بعض الأغنيات وبدور خاص لبعض الآلات بالصولو للأكورديون والعود والناي والساز، مع التشكيلية الموسيقية للفرقة والكورال بحفلها السنوي الرائع الذي لا ينتظره جمهور الأوبرا فقط، وإنما الجمهور السوري الذي تابعها بشغف على النت خلال العرض المباشر، ليزداد عشقاً بصوتها القادر على أداء ألوان غنائية متعدّدة بتدرجات مقامات صوتها، فأبدعت بكل ما قدّمته من قصيدة وموشح وتراث وأغنيات شعبية ومعاصرة، ويبقى إبداعها الأكثر تأثيراً بالجمهور في الفيروزيات.

فتكاملت صورة الإبداع مع فنية الإضاءة والغرافيك الذي اختزل عبْر الصور المتتالية تاريخ الدراما السورية، فعرض صوراً مختلفة لنجوم الدراما الأوائل والمخرجين، منهم: دريد لحام وعبد اللطيف فتحي وخالد تاجا وسليم كلاس وياسين بقوش وناجي جبر وغيرهم، كما توقفت الصور عند مؤسّس الموسيقا الأكاديمية في سورية المايسترو صلحي الوادي، والمايسترو حسام بريمو الذي رحل مؤخراً.

وبعد موشح “الورد بخدك خجل” ألحان عدنان أبو الشامات المتميّز بدور الآلات الشرقية وخاصة القانون، غنّت بيطار أغنيتها “يمة يا يمة” على وقع الوتريات ومن ثم الإيقاعيات بدور الساز باللحن الراقص لكلماتها المعبّرة عن اعترافها بالحب “يمة يا يمة شعل قلبي”، وتميّزت بفاصل الوتريات وبمرافقة الكورال، من ثم تأتي القفلة الغنائية المتدرجة بانخفاض درجة الصوت “والهوى شمالي”.

اللهجة المصرية

وباللهجة المصرية غنّت لأنغام “قدرت خلاص تبعد عني” وقد سُبقت بصولو مطوّل للأكورديون العازف وسام الشاعر اختزل فيه ألحان الأغنية، ثم مضت ألحان الفرقة مع الخط الإيقاعي والبيانو.

وعودة إلى أغنيات بيطار، غنّت بمرافقة الكمان حسان نادر وبمشاركة البيانو أغنيتها الرقيقة نيسان “كل الذنب ذنبي، سكنتك بقلبي، وطلعت كيف ما كان، متلك متل نيسان”.

الموسيقا الآلية ولحظات

الفاصل بالحفل كان للموسيقا الآلية بعزف مقطوعة عدنان فتح الله “لحظات” التي عُزفت عدة مرات سابقاً، إلا أنها بدت أكثر درامية وتأثيراً، فمن آلات الفرقة مع الأكورديون والناي إلى التصاعد اللحني بتأثير كبير للإيقاعيات بدور خاص للدرامز مع الغيتار، لتعود الوتريات مع القانون وآلات الفرقة.

أما وصلة الفيروزيات فبدأت بمشاركة بيطار الكورال “ضلي اضحكيلوا”، وقد سُبقت بصولو العود العازف كنان أدناوي ومن ثم تناغم الوتريات مع الفرقة.

القصيدة والرقص التعبيري

ثم انتقلت بيطار إلى غناء القصيدة ومشروعها الثنائي الإبداعي مع عدنان فتح الله، فغنت قصيدة ابن الفارض:

“أخفي الهوى ومدامعي تبديه

وأميته وصبابتي تحييه”

والتي أطلقتها سابقاً على مسرح الأوبرا بمشهدية تعبيرية بمرافقة لوحة راقصة لخريجة معهد الفنون المسرحية سارة بيطار، وتميزت بدور الكمان والتشيللو مع الفرقة.

يا موليها” وإلياس كرم

مفاجأة الحفل بإطلاق بيطار أغنيتها الجديدة على المسرح “يا موليها” كلمات رامي كوسا وتوزيع فتح الله وألحان إلياس كرم، الذي أرسل رسالة حب إلى الشعب السوري عبْر رسالة مصوّرة، فبدأت بالإيقاعيات المتصاعدة بالتشارك مع النحاسيات البوق والترومبيت، وبدور خاص لعازف الناي ماهر عامر بالعزف على الآلة التراثية ذات الصوت الرنان “زورنا” بفواصل ضمن الأغنية، وتميزت بدور الساز د. هوشنك حبش.

وكان التراث السوري حاضراً بوصلة بتوزيع جديد كان فيه مساحة كبيرة للإيقاعيات، منها “حالي حالي حال”.

عودة إلى الفيروزيات بغناء بيطار “بيتي أنا بيتك” وقد أذهلت جمهور الأوبرا بسحر أدائها وتدرجات صوتها “من كتر ما ناديتك وسع المدى” بدور البيانو والأكورديون مع الفرقة.

واختُتمت بالغناء الشعبي لدياب مشهور على وقع صور فيديو دريد لحام ومجموعته بأغنية “يا بورداين” وبتفاعل كبير مع الجمهور.

رسالة الفنّ الهادف

وعلى هامش الحفل أعربت ليندا بيطار عن سعادتها بلقاء جمهورها المحبّ، متمنية تقديم ما يليق بمسرح الأوبرا العريق وبحضارة سورية وتاريخها، مستمرة برسالتها بنشر الفن الهادف الراقي داخل سورية وخارجها، مشيدة بدور المعهد العالي للموسيقا ومسرح الأوبرا بالحفاظ على الموسيقا الأكاديمية الراقية سواء للعازفين أو المغنين.

وتابعت عن رسالتها التي تؤكد المقاومة للنهوض من هذه المرحلة الصعبة.

تيار مقاوم

المايسترو عدنان فتح الله تحدث عن البرنامج المنوع للحفل، وتوقف عند الأغنية التي قدّمها الموسيقي كويفاتي لليندا بيطار، وهي الأغنية الأولى التي يقدمها بعد رحيل الأيقونة السورية ميادة بسيليس، وتابع بأن ما يقدم بالإجمال على مسرح الأوبرا يحمل قيمة فكرية وثقافية وفنية من خلال تيار مقاوم للأغنيات الهابطة، ونوّه بحضور عدد كبير من شريحة الشباب، وهذا يرتبط بالهدف الذي يسعى إليه المعهد العالي للموسيقا ومسرح الأوبرا بنشر الفن الملتزم، لينهي كلامه برسالتهم بتقديم صورة حقيقية عن ثقافة بلدنا التي ارتبطت بها الموسيقا منذ عشرات السنين بدلالة الشواهد التاريخية، وعن ثقافتنا السورية المبنية على المحبة والسلام.

وعقب على سؤال “البعث” حول مشروعه الإبداعي مع بيطار بالتحضير لإطلاق القصيدة الثانية لابن الفارض أيضاً:

“زدني بفرط الحبّ فيك تحيرا

وارحم حشى بلظى هواك تسعرا”