مجلة البعث الأسبوعية

في أسواق البالة .. “تصافي محلات” تحل مكان الأجنبية..والأسعار تلدغ الزبائن بسعر “الصرف “؟

دمشق – بشير فرزان

نستطيع القول بعد عدة أيام من التجول في أسواق البالة “باب الجابي – قنوات – الفحامة – الشيخ سعد-شارع الثورة  ” أن البحث عن الألبسة المستعملة المستوردة في محلات البالة بات أمراً صعباً لندرة هذه الألبسة بعد أن غزت الألبسة المصنعة محلياً هذه الأسواق ومن هنا تبدأ لعبة الاختيال على المواطن الذي يشتري بضائع مصنعة في حلب

أو في محافظات أخرى على أنها بالة أوروبية وبأسعار كبيرة جداً هذا باستثناء بعض البضائع من مصادر فيتنامية أو صينية لاتختلف من حيث الجودة عن المحلية بل أنها ذات جودة اقل ولكنها قادمة من خارج الحدود ولذلك أسعارها عالية رغم أنها تباع دوكما و”بالشوالات ” وليس بالقطعة كما تباع للمواطن في الأسواق .

ويحرص الكثيرون  من مرتادي هذه السوق التقيد بزيارة محلات البالة في بداية الاسبوع حسبما يوصي التجار الذين يؤكدون انهم بفتحون اكياس البضائع المستعملة في بداية كل أسبوع بما يتيح انتقاء القطع الجيدة والمتميزة فهذه دفعة جديدة من بضائع الألبسة المستعملة (البالة) تصل إلى سوق “الفحامة” الذي تحولت بيوته العربية، أو جزء كبير منها إلى صالات، خُصصت لعرض هذه البضائع، فشكلت مع بعض المحال الأخرى تجمعاً رئيسياً هو الأكبر بين الأسواق الأخرى المختصة في عرض هذه السلع والمتاجرة بها.

أما البضائع فكانت – كما كل المرات – ذات محتوى مختلط لا هوية لها.. فيها ألبسة لكل الأعمار ولكل المقاسات، بدءاً بألبسة الأطفال، وانتهاء بمقاسات من نوع “ثلاثة إكسات لارج”، تجمعت أكوامها على ألوح خشبية وبسطات، والمشترك الوحيد بينها هو تلك الأيدي التي تقلبها، وتتفحصها لتتأكد إن كانت صالحة لإعادة الاستعمال أم لا، فتختار الأنسب لذوق أصحابها، أو تتركها، وتمضي باحثة عن بضائع أخرى.

 

أسواق البضائع

ولاشك الإقبال الكبير على هذه الأسواق فتح المجال أمام انتشارها في في أمكنة عدة من مدينة دمشق منها بالإضافة لمنطقة الفحامة.. منطقة باب الجابي، منطقة الشيخ محي الدين، وأيضاً في القرب من منطقة المرجة، فيما يعرف بسوق الحرامية، وفي أمكنة  أخرى، حيث أصبحت هذه التجمعات مقصداً للعديد من الأسر التي تبحث عن أسعار رخيصة، أو مقبولة قدر الإمكان من ألبسة، وأحذية “أجنبية “مختلفة الأشكال والألوان،

في سوق باب الجابي الذي زرناه لم نر أية بضائع متميزة بل كل ماوجدناه بضائع متوسطة الجودة وفي غالبيتها من صنع محلي وهذا ما أكد عليه الكثير من الزبائن المتجولين في هذا السوق حيث لم تتردد سمية ياسين “ربة منزل ” في التأكيد على أنها تأتي كل شهر تقريباً لترى ما هو الجديد في السوق، وهي تعرف بالضبط الأيام التي يمكن أن يأتي فيها السوق وتحددها بيومي السبت أو الاثنين من كل أسبوع، إلا أنها لم تعد تجد ضالتها في هذه الأسواق وخاصة لجهة البالة المستوردة حيث تنتقي أفضل ماهو موجود نظراً للارتفاع الكبير في أسعار الألبسة الجديدة في حين يراها محمود الحمدو أنها المكان الأفضل لمن يبحث عن “لقطات”، فسوق البالة برأيه مكان يمكن أن يجد فيه أشياء تضاهي أفخر الماركات المحلية، لا بل وتتفوق عليها أيضاً سعراً وجودة، لكنها بحاجة إلى دقة وخبرة في عملية البحث، حيث يقوم الكثير من البائعين بالتلاعب بنوعيات البضائع من خلال وضع علامات مزيفة على الالبسة أو الاحذية وبيعها للناس بأسعار مرتفعة وتحسب على الدولار، فالأحذية اليوم في أسواق البالة يمكن أن يقارب سعرها الأسعار المتوفرة محلياً، أو قد تزيد عنها، إذ بلغ سعرحذاء بعد الحديث مع البائع  150000 ليرة على اعتبار انه من ماركة عالمية ، وهو برأيه سعر مرتفع، ، كون سعر الجديد من نفس النوعية يتجاوز ال70000 وهذه ضريبة الصناعة الأوروبية الجيدة  حيث قلما تجد أحذية كهذه  في السوق المحلية بنفس السعر، وبنفس الجودة والمتانة، أما منصور وسليمان وزاهي، فهم مجموعة شبان يقصدون السوق في كل مرة للحصول على قمصان رياضية للأندية الأوروبية التي يشجعونها، ويقولون: إنهم في مثل هذه الأمكنة يجدون طلبهم الذي لا يتوفر في السوق المحلية بمثل تلك الجودة والأسعار الرخيصة، حيث يمكنهم أن يجدوا قمصان نواديهم المفضلة كريال مدريد وبرشلونة، في حين أن أسعار هذه القمصان مرتفعة جداً في محلات الرياضة التي تبيع مثل تلك القمصان.

ويتحدث عمران  السيد صاحب محل آخر في السوق، موضحاً بعض أسرار هذه المهنة، إذ يقول: البالات سابقا ليست، كما يظن البعض، بضاعة من نوع أو صنف واحد، بل لها تصنيفات عديدة، حيث كانت تأتي بحاويات أو “كراتين” مختومة، وعلى درجات أو تقسيمات مختلفة، والتقسيمات المتعارف عليها بين الباعة والتجار هي كالتالي: منها ما يسمى “الكريم”، وهو أفضل الأنواع، ومنها الدرجة الأولى، ثم الدرجة الثانية، ثم درجة ثانية قوي، ثم درجة ثانية ضعيف، ثم درجة ثالثة، وهكذا، ويقول: إن لكل نوع من “الكراتين” المصنفة سعره المختلف عن غيره، وهذه التصنيفات تنطبق على الألبسة والأحذية على حد سواء، ويقول: هذه التجارة لا أمان لها، إذ تتطلب درجة من الخبرة، ونسبة من الحظ الوافر، أما اليوم فأكثرية البضائع إذا لم نقل جميعها حسب كلام السيد بضائع محلية ومن تصافي المحلات أو غيرها وأكد أن سوق البالة تأثر كثيراً في ظروف كورونا وباتت الأسواق تعاني من ندرة البضائع هذا إلى جانب الظروف التي تعيشها البلد من كافة المناحي وبشكل اثر على هذه التجارة .