نغمة الكيميائي للمشاغلة فقط
علي اليوسف
عادت نغمة “الكيميائي” في سورية إلى الواجهة بتحريض من الولايات المتحدة، وكأنها خطوة لمشاغلة روسيا وتشتيت جهودها عن العملية الخاصة في أوكرانيا أولاً، واستثمارها في انتخابات التجديد النصفي التي هي الأخرى باتت محسومة للجمهوريين.
كان الردّ الروسي هادئاً ومتوازناً، بل واثقاً من الكذبة التي تروّج لها الولايات المتحدة، ولم تتوانَ موسكو عن الطلب من واشنطن وشركائها في تدمير الدولة السورية لتزويد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ببيانات حول المنشآت الكيمياوية المزعومة التي تسبّبت في العدوان على سورية في 2017 و2018.
هذه الثقة الروسية كانت على شكل اتهام واضح للمملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا، والتي تصرخ بأعلى صوت تحت ذرائع كاذبة، أنها هي من ارتكبت أعمالاً عدوانية مرتين ضد سورية، وفق ما صرّح به نائب رئيس الوفد الروسي إلى اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة، كونستانتين فورونتسوف. بل تعدّى الأمر الاتهام الصريح إلى المساءلة بأن السنوات الخمس التي مرت منذ عام 2017 لم تُنسَ، وأن الأكاذيب التي شرعنت الضربات الصاروخية على سورية لن تمرّ دون عقاب ومحاسبة الولايات المتحدة عن أفعالها، وأن كلّ ما تفعله واشنطن وشركاؤها من خلال هذه المشاغلة هو محاولة الإفلات من العقاب عن أفعالها غير القانونية.
إن هذا النوع من المشاغلة ليس إلا لعبة من مبتدئين في السياسة، لأن حقائق المخططات الأمريكية انكشفت للعالم، وليس أقلها تحويل منظمة حظر الكيميائي إلى أداة للتلاعب السياسي، وإبعادها عن مهنيتها، وتقويض مصداقيتها، إذ منذ العام 2018 يجري استخدام منظمة حظر الأسلحة الكيمائية أداة لتنفيذ أجندات سياسية ضد دول أطراف في الاتفاقية!.
لذلك فإن الردّ الروسي الواثق يحمل في طياته أيضاً مطالبة دولية بوقف هذا الانحدار المستمر في مسار عمل المنظمة، والشروع بشكل جاد وعاجل في تصحيحه للعودة بالمنظمة إلى تنفيذ ولايتها المنوطة بها، خاصةً وأن الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض الدول الغربية تستحضرُ السيناريوهات نفسها مع الاتحاد الروسي في أوكرانيا لاتهام القوات الروسية بها، وغيرها من الاتهامات الأخرى، كما كانت تقوم به طيلة السنوات التسع الماضية في سورية من فبركة مسرحيات استخدام أسلحة كيميائية، أو التحضير لاستخدام تلك الأسلحة لاتهام الحكومة السورية بها.
إذاً، ما تقوم به واشنطن اليوم لا يعدو عن استغلال عمليات منظمة حظر الكيميائي لتصفية الحسابات مع سورية. وللتذكير فإن البعثة التي حقّقت في المزاعم الأمريكية فشلت في أكثر من اختبار، والأدلة على ذلك واضحة لجميع الدول الأطراف، وقد ثبت انحيازها وعدم مهنيتها، وتزويرها الحقائق في أكثر من تقرير أصدرته.