الأزمات العالمية والفجوة بين الفقراء والأغنياء
هيفاء علي
نشر معهد الأمم المتحدة للتنمية الاجتماعية “اونريساد”، وهو أحد المؤسّسات المستقلة لنظام الأمم المتحدة تقريراً في 21 تشرين الأول 2022 في جنيف أدان فيه بشدة عدم المساواة الاجتماعية التي لوحظت في جميع أنحاء العالم مع اقتراح “عقد اجتماعي جديد” كواحد من الحلول.
ووفقاً لهذا التقرير، فإن عدم المساواة الشديدة، وتدمير البيئة، والضعف في الأزمات التي يشهدها العالم اليوم ليست إفلاساً للنظام، ولكنها سمة من سماته، حيث تتراجع المجموعات الضعيفة والمهمّشة بشكل متزايد إلى الوراء، بينما تعمل النخب على حماية نفسها، وتستغل الأزمات لمصلحتها. زيادة على ذلك، يكشف التقرير حقيقة أن الأزمة الصحية العالمية، التي سببها وباء كورونا ضاعفت ثراء 10 رجال في العالم، في حين أنها اغرقت أكثر من 120 مليون شخص في فقر مدقع. فيما يتعلق بأزمة كورونا، لفت التقرير إلى أن الفترة التي مرت منذ الاكتشاف الأول للفيروس، في أوائل عام 2020، تميزت بفقدان الحياة البشرية جراء حدوث ركود اقتصادي خطير، والتراجع في العديد من مؤشرات التنمية البشرية وزيادة عامة في نسب الفقر. وفي الوقت نفسه، حقق مكاسب مالية كبيرة جداً لمجموعات صغيرة، وعمل على تركيز الثراء في الأعلى والذي تكثف منذ بداية الوباء. في جمهورية الكونغو الديمقراطية على سبيل المثال، تسبّب هذا الوباء في اختبارات اقتصادية قاسية، لأن المؤسسات، والتجار، والأسر، والأفراد يستمرون في العيش في الآثار السلبية الاقتصادية، بينما سيستغرق تحسين هذه الظروف الاقتصادية في هذا البلد في وسط إفريقيا وقتاً طويلاً.
ووفقاً لجوناس كيبالاكوما، وهو خبير اقتصادي في الكونغو، فإن مستوى معيشة السكان في جمهورية الكونغو الديمقراطية منخفض فيما يتعلق الناتج المحلي الإجمالي المنخفض منذ عام 1960. بالإضافة إلى ارتفاع معدل الفقر ليصبح 63.4٪، وفقدان العديد من الصناعات قدراتها وتسريح العديد من الموظفين، فيما قامت البنوك بإعادة هيكلة 25٪ من إمكاناتها الائتمانية، والأمر نفسه ينسحب على معظم دول العالم تقريباً، وفقاً للتقرير.
بالمجمل، أشار التقرير إلى ضرورة إنشاء طرق لعقد اجتماعي بيئي جديد استناداً إلى رؤى المحكمة والمساواة والاستدامة، والحاجة الملحة إلى نموذج تنمية جديد للعدالة الاجتماعية والاقتصادية والمناخية، لافتاً إلى أنه من خلال إعادة توازن هياكل القوة الحالية، وإنشاء تحالفات جديدة سننجح في تغيير الأمور، بحيث يكون للبلدان النامية تأثير أكبر في منتديات السياسات الدولية، وهو أمر مهم بشكل خاص في ضوء الاستجابة الدولية لتغير المناخ.
وإذا كان من الضروري تعزيز التعاون، والعمل في جميع أنحاء العالم، فيجب أن يتم ذلك دون انتهاك الحكومات، وقدرتها على مواصلة برامج التنمية الخاصة بهم من خلال المناورة السياسية، وهذا يتطلب معاملة خاصة ومتمايزة في اتفاقيات التجارة والتجارة الدولية، وحظر الحمائية التجارية من جانب واحد كمقياس للاستجابة للتغيير المناخي أو البيئي.