استثمار الرياح يحتاج إلى موافقة من فوق..!!
علي عبود
بدلاً من دراسة بعض المقترحات الفعّالة لتوليد طاقة نظيفة، ريثما يأتي الحلّ الجذري لأزمة الكهرباء، فإنّ الجهات الحكومية تجاهلتها، أو بالأحرى رفضتها، بذريعة أنها “تحتاج إلى موافقات من فوق”!!
ولا ندري ما المقصود بمصطلح “من فوق”.. هل هي رئاسة مجلس الوزراء أم اللجنة الاقتصادية؟!!
وبالمقابل، فإن هذه الجهات وفّرت الأجواء لقلّة من مستغلي الوضع الصعب لتقديم الحلّ الأسرع لشفط المليارات وتلويث البيئة.
لقد لفتنا مقترح للمحاسب محمد عمار جديني لاستثمار الطاقات البديلة، وتحديداً الطاقة الريحية الموجودة في فتحة حمص طرطوس، حيث تصل شدة الرياح إلى سرعات كبيرة جداً، ويتضمن المقترح إنشاء مزرعة ريحية تتألف من ألف عنفة بطاقة إجمالية تبلغ خمسة آلاف ميغا واط يومياً، حيث تولّد كلّ عنفة 5 ميغا واط وبتكلفة تصل إلى نحو خمسة مليارات دولار بافتراض أن سعر العنفة الواحدة يصل إلى خمسة ملايين دولار.
ويرى جديني أن الأسلوب الأفضل لتنفيذ المشروع هو إقامة شركة مساهمة تختصّ بإنشاء هذه المزرعة الريحية تُطرح للاكتتاب بحدود 50 مليون سهم قيمة السهم 100 دولار أمريكي، وتسليم الكهرباء المولدة من الريح إلى وزارة الكهرباء بنسبة 80% مجاناً في كلّ دورة، فيما يُعطى حامل السهم حصة من الكهرباء كلّ دورة، ويتمّ خصمها من كمية استهلاكه الشهري في منزله أو معمله أو منشآته ولمدة 20 عاماً مجاناً بدون أي مقابل، أو لمدة 25 سنة بنسبة 80 بالمئة من حصته المولدة في كل دورة.. إلخ.
ويمكن إنهاء المشروع خلال ستة أشهر بتصنيع أجزاء العنفات داخل المعامل الحكومية، وتجميعها وتركيبها بالقرب من مكان المزرعة، بحيث تكون العملية بشكل إنتاج وتركيب بمعدل عشر عنفات ريحية يومياً.
والمهمّ في هذا المشروع أنه يدرّ ربحاً على أصحاب الأسهم، فهو استثمار طويل الأجل، وخالٍ من المخاطر ومرتفع الإيراد، حيث إن أكبر الشركات المساهمة في العالم لن تستطيع إعطاء إيراد كل شهرين كهذا الإيراد، كما ستؤدي عوائد بيع الأسهم بالعملة الصعبة، أو بالذهب إلى رفد خزينة المصرف المركزي وتحسّن قيمة الليرة السورية، إضافة إلى تحقيق أرباح للمعامل الحكومية.. إلخ.
والسؤال: ما مصير هذا المشروع الذي مضى على طرحه أكثر من عام؟ حسب صاحب الفكرة، فإنه تحدث مع أمين سر مجلس الوزراء حول المشروع، فطلب منه تقديم عرض فني ليقدّمه إلى رئاسة المجلس، فقام فعلاً بإرسال إيميل لشركة “ودرفم” التي ركبت عنفتين بفتحة حمص للحصول على العرض الفني، ولكنه لم يستطع الحصول على جواب من رئاسة الوزراء حتى الآن!!
ولفت جديني إلى أنه طرح المشروع أيضاً على ديوان مجلس الشعب، والذين أيضاً طلبوا منه عرضاً فنياً ليقدمه أحد النواب للمجلس! حتى وزارة الكهرباء المعنيّ الأساسي بمشاريع الطاقة البديلة تجاهلت مشروع استثمار الرياح لتوليد كميات كبيرة من الكهرباء، وقال المسؤول الذي قابله جديني: “هذا المشروع يتطلب موافقات “من فوق”!!
الخلاصة: ما من جهة مهتمة بمشروع جديّ وكبير للطاقة النظيفة، وبرأي وزارة الكهرباء فإن المشروع عصيّ على التنفيذ، لأن نقل الطاقة الناتجة منه إلى محطات التحويل يحتاج إلى تمديدات جديدة غير موجودة حالياً في تلك المنطقة، وطبعاً كل شيء سيصبح قابلاً للتنفيذ عندما تأتي الموافقة “من فوق”!!