ميس العاني: أعلنت دخولي إلى عالم الأدب عبر “امتداد الحواس”
بعد سنوات طويلة من العمل الصحفي، اتجهت الشابة ميس العاني إلى الأدب، بدأته في أدب الأطفال في مجلتي “أسامة” و”شامة”، وأصدرت ثلاث قصص للأطفال، ومؤخراً توّجت عملها الإبداعي بتوقيع مؤلفها الجديد في الأدب وهو رواية بعنوان “امتداد الحواس” في أيام معرض الكتاب السوري. عن أدبها وعملها الصحفي كان لـ”البعث” هذا الحوار مع الصحفية.
هل الأدب هو الطريق للبوح عما في داخلك؟
الكتابة الأدبية تختلف اختلافاً جذرياً عن العمل الصحفي، فقلم الصحفي يبقى محدوداً بموضوع معيّن، سواء أكان آنياً أم غير آني، ومكان وزمان محدّدين وهو بالدرجة الأولى مرتبط بحدث. أما الكتابة الأدبية فتحمل أبعاداً أعمق بكثير، فهي تعبّر عن مرحلة زمنية كاملة وتوثق للتاريخ ومعاناة الشعوب. كما أن الأدب يغوص عميقاً جداً في مكنونات النفس البشرية ويسبر أغوارها ويعبّر عما يجول داخلها بلغة شعرية رقيقة، لذلك كان انتقالي لعالم الكتابة الأدبية هو بوح إنساني وتوثيق تاريخي أدبي ناجم عن تجربة إنسانية عميقة صنعتها الحرب على سورية وتداعياتها عليّ كإنسانة أولاً وصحفية ثانياً.
عندما يكتب الصحفي في الأدب أليس هناك خطر بأن يحمل معه لغته السردية التقريرية ويخلط كتابة الأدب بإنشاء التقارير؟
نعم، ولكن لماذا نعتبر هذا خطراً، في الحقيقة يمكن أن يضفي هذا جمالية خاصة على الأدب ويمنحه تجديداً من نوع خاص إذا كان بحدود معيّنة وموظفاً بذكاء لخدمة النص الأدبي، وفي الحقيقة لم يستطع قلمي في روايتي الهروب من اللغة السردية الصحفية، ولكني وظفتها بذكاء ضمن أحداث الرواية فأدخلت ضمنها تقارير صحفية لوصف بعض الأحداث وتحريكها ضمن النسج الروائي.
من أثر في تجربتك الأدبية وكان له فيها أثر أدبي من محيطك أم من الكتاب المعروفين؟
الشخص الأكثر تأثيراً في مسيرتي الأدبية هو والدي الأستاذ خليل العاني رحمه الله، فقد كان مدرساً للغة العربية وورثت عشقها وعشق الأدب عنه، وفي الحقيقة كان أول من قرأ ما خطّه قلمي وشجعني على الكتابة، ومن الكتّاب المعروفين تأثرت بجبران خليل جبران، مصطفى صادق الرافعي، دان براون، تشارلز ديكينز، مارك توين وغيرهم الكثير.
“امتداد الحواس”.. حدثينا عن هذه الرواية وهل أحداثها من الواقع أم أن أحداثها من نسج الخيال؟
“امتداد الحواس” روايتي الأولى والتي تشرفت بتوقيعها داخل صرح ثقافي مهمّ، هو مكتبة الأسد الوطنية بدمشق، وأعلنت خلالها دخولي إلى عالم الأدب، هي رواية إنسانية توثيقة تدور أحداثها خلال فترة الحرب على سورية، بطلاها صحفية اسمها شآم وطبيب اسمه نزار تجمعهما المصادفة في ساحة معركة على تخوم دمشق، ويتعرّض الاثنان لكثير من المصاعب، فيفترقان وخلال فترة الفراق تتنقل شآم بحكم عملها كصحفية إلى الكثير من المناطق التي عانت خلال الحرب فتوثق كاميرتها ويسجل قلمها مشاهد من القذائف والانفجارات التي تعرّضت لها دمشق وحلب وتدمير الآثار في تدمر وقصص المعاناة ضمن مخيمات اللجوء. وقد حاولت من خلال الرواية تسليط الضوء على الفئات الأضعف، النساء والأطفال، والغوص في المشكلات الاجتماعية والإنسانية كالفقر واليتم والنزوح وغيرها الكثير، لأجعل شخوص الرواية بمختلف أعمارهم وأشكالهم ومواقعهم شواهد حيّة على معاناتنا لأوصل رسالة مفادها بأننا لن نكون يوماً أرقاماً في نشرة أخبار، بل وراء كلّ رقم معاناة إنسانية تستحق التوثيق وتعريف العالم بها، أحداث روايتي كانت أحداثاً متخيلة بشخصياتها وحكاياتها ونسجها، ولكنها استندت إلى أحداث حقيقية يعرفها أغلب السوريين.
هل تميلين إلى كتابة الواقع الحقيقي على حساب القصة المتخيلة؟
لا.. فالخيال هو المسرح الذي أحرّك فيه شخوص روايتي بحرية، واستخدم أدواته السحرية لخلق عالم خاص، ولكني في “امتداد الحواس” أردت توثيق الحرب الأليمة فدمجت بين الواقع والخيال.
إلى أين يقودك طموحك في الأدب؟ هل سيبقى في نطاق الهواية؟
طموحي في الأدب كما طموحي في الحياة حدوده السماء، وكما استطعت نيل جوائز في مجال كتابة السيناريو القصير وكتابة التقرير الصحفي وأدب الأطفال، أطمح للوصول إلى جوائز عربية وعالمية في مجال الرواية.
اليوم تقدمين للقراء روايتك الأولى؟ ما هو جنسك الأدبي الأثير؟
الكتابة للأطفال كانت خطوتي الأولى إلى عالم الأدب، وقد بدأت من صفحات مجلتي أسامة وشامة العريقتين، ثم انطلقت في هذا العالم الجميل الغالي جداً على قلبي لأنني أمّ لطفلين استلهم من براءة عيونهما الكثير، وهذا ما دفعني لاستكمال هذه المسيرة وتوسيعها بشكل أكبر، وذلك عبر إصدارات الهيئة العامة السورية للكتاب في وزارة الثقافة، فصدرت لي ثلاث مطبوعات وهي “كهف الكريستال السحري” و”أسرار الأعداد” و”جزيرة الدمى”، إضافة إلى حصولي على المرتبة الثالثة ضمن أفضل قصة موجهة للطفل العام الفائت عن قصة “رحلة ماسة إلى مدينة الثلج”، حقيقة رغم حبي للرواية ولكن يبقى لأدب الأطفال بالنسبة لي مكانة خاصة لأنه يوفر لي أدوات مختلفة تركن إلى الخيال وتستلهم منه ما يدخل الفرحة إلى قلوب الأطفال الذين يشكلون عشقي الأول.
يذكر أن الكاتبة ميس العاني صحفية بالقسم الثقافي في وكالة “سانا”، صدر لها عن الهيئة العامة السورية للكتاب ثلاث كتب، ورواية “امتداد الحواس” للكبار عن دار سين للثقافة والنشر والتوزيع. حاصلة على جائزة أفضل فيلم سينمائي قصير عن فيلم “أمونة” افتراضية مؤسّسة سوريانا، أفضل تقرير صحفي عن الشهداء والجرحى في مهرجان الإعلام السوري – دورة الجولان، المركز الثالث أفضل قصة موجهة للأطفال عن وزارة الثقافة.