الشاعرة رود مرزوق توقع “أنت مني” و”رود الياسمين”
أمينة عباس
شهد المركز الثقافي العربي في أبو رمانة مؤخراً توقيع ديوانين شعريين للشاعرة رود مرزوق، وقد سبق التوقيع ندوة تعريفية واحتفالية بهما أدارها الكاتب محمد أحمد الطاهر، وشارك فيها الأديب والمسرحي محمد الحفري والكاتب رياض طبرة.
الشاعرة مرزوق بيّنت في تصريح لـ “البعث” أن الديوانين هما حصيلة تعب واجتهاد دام 5 سنوات متواصلة، وكلاهما يحتويان شعر التفعيلة والنثر والعمودي، مشيرة إلى أن عنوان “أنت مني” تمّ إطلاق التاء فيه لجمهور القراء ليتلقى كلّ قارئ ما كتبتُه حسب تجربته الذاتية، وفيه تحدثتُ عن المرأة والرجل والحب بشكل خاص، أما في “رود الياسمين”، التجربة الأنضج برأيها، فقد تناولت في قصائدها حب الوطن والتقدير والاحترام والإجلال للشهداء وللمعلمين الذين تنتمي إليهم، موضحة أن “أنت مني” هو باكورة أعمالها في التجربة الشعرية، وفيه الكثير من تجربتها الشخصية، وقد تحدثت فيه عن أسرتها وعن أرواح فقدتها، كما تحدثت كأنثى عاشقة وكيف ترى الحب من وجهة نظرها، وأنها في الديوانين كتبت القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة التي تجد فيها مساحة أكبر للتعبير عن المكنونات الذاتية لأنها حرة وخالية من الوزن، وبالتالي تتيح للشاعر أن يرفرف بجناحيه في صور الإبداع والخيال.
ذاتية مرهفة
ورأى الأديب محمد الحفري في مشاركته أن القارئ للديوانين سيبدو وكأنه يراقب حمامات نثرت نفسها حائمة في الأجواء، وسيحار في تحديد أيها الأكثر جمالاً، وسيجد فيهما الأنا الشامخة كالطود والمنكسرة والمهزوزة، القوية والضعيفة، المنتصرة والمهزومة، الغالبة والمغلوبة على أمرها، وربما حالات كثيرة أخرى تجسّدتْ جميعها في نصوصها، فذاتية الشاعرة بدتْ رهيفة وحاضرة في الكثير من نصوصها، وكذلك التوحد بينها وبين نصها حين تصبح ذاتها هي القصيد ببوحها الوجداني الصادق، معتقداً أن الشاعرة من الأصوات التي قد تخضرُّ بها أرض الشعر لتزهر الكلمات ربيعاً فوق الورق. وبيّن الحفري أن “أنت مني” يحمل الكثير منها، فقد كتبتْ فيه عن الابن والأب والأم والزوج الذي رحل بعد معاناة مع المرض والوطن سورية، وأهدته “لمن هم منّي وأنا منهم، وفي روحي همٌّ ورود المحبة الأجملُ”، مؤكداً أن رسائلها في الديوان تنبعث من قلبٍ صافٍ وإنسانية طافحة بمحبة الناس، كما نجد في لوحاتها الشعرية المرسومة بعبق القلب ظلال طفولة مضت وما زالت، وظلال رجل وامرأة وبياضاً يعانق السواد، وهدوء الألوان ونزقها وطوفانها ومهابة تنمّ عن ذوقٍ رفيع وفلسفة تحارُ في تفسيرها.
أنثى دمشقية
وبيّن الكاتب رياض طبرة في مشاركته أن ديوان “رود الياسمين” بدءاً من العنوان وليس انتهاء بـ”حررت نفسي” القصيدة الأخيرة فيه، يطالعنا بعبق الحروف العاشقة ورحيق القوافي الباسقة ويثير في القارئ أسئلة حول بردى والحارات الدمشقية المعتّقة بالحب والحنين والياسمين والجوري وشقائق النعمان:
إني بوصفك قد مدحت قصائدي والصوت يحلو شادياً بغناك
فالغيد فل زنبق وبنفسج وإناث عقد الياسمين صباك
وأشار طبرة إلى أن الشاعرة أبحرت في يمّ الشطرين ورونق التفعيلة وتألق النثر، وكانت في الديوان نبضات قلب أفرحه الكثير وأذاقه الفراق حسرات لا تخلو من آه وتفجع ونحيب، مبيناً أن تجربة الشاعرة في الشعر تدلّ على أن الشعر يفتح صدره في كل زمان ومكان للحالمين المتعبين ليرسموا بالكلمات ما يجول في خاطرهم وخاطر القارئ، ويتيح للعاشقين والعاشقات استراحة روح وهناءة المغامرة، وهو المساحة الفسيحة للعاطفة، والميدان الأرحب للفن للتعبير عن البطولة والفداء:
نحن البطولة والإقدام يشهدنا نلقي بأنفسنا والنار تضطرم
خضنا معارك حق لا تهاب ردى الحق يحكمنا لا غيره حكم
كما أوضح طبرة أن الشاعرة في ديوانها، وهي الأنثى الدمشقية، لا ترى في الحب إلا ما تراه من سمو ورفعة في العلاقات الإنسانية، وأن ما يعزّز من جمالية “رود الياسمين” برأيه التنزه في حديقة التنوع في شكل النص الذي تقدمه الشاعرة، مؤكداً أن الحكم على الديوان هو للقارئ بعد أن يرى ما يراه، ويقرّ للشاعرة بما سطّرته من جمال العبارة وأناقة اللفظ ورشاقة الصورة، وبما تضمن من محسنات بديعية جاء منها عفو الخاطر، أو خالطه التقصّد باستحضار رتم جديد أطرب الأقدمين ذات زمن.
لوحات شعرية
ونوّه الروائي محمد أحمد الطاهر مدير دار توتول للطباعة والنشر والتوزيع التي صدر عنها الديوانان بأن الدار تعمل بشكل دائم على مساعدة المواهب الشابة واليافعة، وتشجيع الكتّاب الموهوبين على إظهار نتاجاتهم، وأن الديوانين يحتويان 112 صفحة ويتضمّن كلّ منهما 35 قصيدة، مبيناً أن الشاعرة كانت مخلصة في كتابتها وصادقة في مشاعرها ووفية لشعرها، فخطّت أشواقها وأشجانها ممزوجة بالهمّ الإنساني والوطني، ورسمت لوحات شعرية رائعة بأسلوب خاص ومتفرد يمتاز بجمال اللغة وجودة الصياغة والمهارة في استخدام الصور، وهي في هذا تعبّر عن ثقافتها الواسعة.