دراساتصحيفة البعث

فرصة أوروبا الأخيرة

هيفاء علي

بتجاهل الشعب الأوكراني تدخل الغرب وتحويل الصراع إلى حرب شاملة وخضوع لأوامر الأوليغارشية الغربية. لقد أصبحت أوكرانيا ساحة معركة الحرب الحقيقية بين روسيا والولايات المتحدة بعدما اتهمت الطبقة الحاكمة الغربية روسيا من خلال وسائل الإعلام التي تسيطر عليها بأنها تهدد بهجوم نووي.

حتى الأن يعطي الرئيس فلاديمير بوتين شعوب أوروبا فرصة للتفكير، والضغط على قادتهم للتوقف عن تقديم الأسلحة لنظام كييف، خاصةً أن الرأي العام الأوروبي يدرك جيداً أن بوتين أصبح منذ عام 2014 مصمماً على وقف التهديد الأمريكي لحدوده الغربية. وللقيام بذلك، أنشأ علاقات مع الصين والهند وغيرها من الدول الآسيوية، وكذلك مع العديد من البلدان في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث اكتسب في الأشهر الأخيرة تأثير في جميع أنحاء أوراسيا.

تشير العديد من المقالات في الصحافة الغربية إلى أن العديد من الدول الأوروبية شهدت خروج مظاهرات تطالب كييف ببدء التفاوض مع روسيا لإنهاء الصراع، ومطالبة مفوضي الاتحاد الأوروبي التوقف عن التصرف مثل الدمى لتوسيع الأغطية الإقطاعية الأمريكية، كما حدث في تشيكيا، والنمسا، وألمانيا وهولندا.

كما يلحظ في الصحافة الغربية التركيز على انهيار اليورو مقابل الدولار، وفقدان الجنيه الاسترليني 20 ٪ من قيمته مقارنة بالدولار. حتى إن اقتصاد المملكة المتحدة، التي طعنتها الولايات المتحدة في ظهرها من خلال سياسة الاتحاد الأوروبي في أيرلندا الشمالية، يشهد فترة ركود عميق. ويقال إن وسائل الإعلام في المؤسسة البريطانية مشغولة بمسألة خفض مدة خدمة الصحة العامة البريطانية إلى عامين فقط لمعظم الناس، وهناك أكثر من 10 ٪ من المواطنين البريطانيين، أو 7 ملايين شخص، ينتظرون الآن المعاملة. حتى أن بعض المواطنين البريطانيين يذهبون إلى أوكرانيا للحصول على علاج طبي كاف. وترجع أزمة النقود البريطانية إلى الحاجة إلى أن تستعرض الحكومة البريطانية مبالغ ضخمة من المال، ولكن بعد كل شيء، تتبع المؤسسة البريطانية أوامر الولايات المتحدة بالرسالة، واضطرت إلى رفض ثروات روسيا ودعم أوكرانيا. وهكذا أصبح مستوى ديون المملكة المتحدة أقرب الآن إلى مستويات الولايات المتحدة.

ويتوقع المحللون الأوروبيون أن ينتهي الصراع بفوز روسيا، وأنه بالنسبة لأوكرانيا سيكون هناك دولة سلافية شرقية بين جنوب شرق بولندا وجنوب غرب روسيا مهما كان اسمها. وعليه فإن أوروبا الوسطى والغربية تجازف بأن تصبح مجرد دمية بسبب المتطلبات الأمريكيةالمناهضة لروسيا، وهذا يعني أن أوروبا الوسطى والغربية، مع مراعاة الناتو، ستغدو فقيرة وباردة وجائعة وغير قادرة على الدفاع عن نفسها، لأن أسلحتها ستدمر في أوكرانيا. لذلك يتعين عليها ادراك أن مستقبلها ليس على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، ولكن إلى جانب أوروبا الشرقية وأوراسيا، باب النمو الآسيوي والازدهار.

لا شك أن سبعة من أصل ثمانية مليارات نسمة في العالم يطمحون إلى الإنسانية والعدالة والازدهار، وأملهم الوحيد هو انتصار روسيا القادم على الولايات المتحدة. وبمجرد أن يكون هذا هو الحال، سيعود كل شيء إلى مكانه الطبيعي، فعندما تعتمد أوروبا على بلد للحصول على الغاز والنفط والأسمدة والقمح وما إلى ذلك، فعليها أن تبذل الجهد لفهم وجهة نظره، وما عدا ذلك فإنها تلقي بنفسها في الهاوية.