ثقافةصحيفة البعث

ما التحديات المجهولة لتتويج بطلة تحدي القراءة العربي شام البكور؟

حلب – غالية خوجة

شامخة بشامها سوريتنا الحبيبة، وبلغتها العربية الفصحى وانتمائها وهويتها وحضارتها ومستقبلها، وهذا ما أكدته المقولة الميدانية للقائد الخالد حافظ الأسد:”الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية”، وهذا ما عكسته بطولة الطفلة شام البكور الفائزة في الدورة السادسة من تحدي القراءة العربي في دبي التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ثم غرد بعد فوز بطلتنا:”مسابقة شارك فيها 22 مليون طالب من 44 دولة لقراءة 50 كتاباً في كل عام دراسي، والفائزة هذا العام هي شام البكور من سورية الحبيبة..سورية الحضارة واللغة والثقافة، سورية العلم والعلماء والتاريخ”.

وهذا التتويج لطفلة عربية سورية بعمر 7 سنوات مرآة أخرى للانتصار الحضاري على الظلاميات رغم مرورها بعدة محن مذ كانت رضيعة بعمر الستة أشهر ونجت من الموت بقذيفة إرهابية لكن والدها لم يكتب الله له النجاة، فساهمت أمها التي اكتشفت فضولها المعرفي في إدارة طاقة ابنتها وموهبتها، وتقدمت لهذا التحدي الحياتي أولاً، ثم القرائي الذي نالت فيه شام الأولى على محافظتها حلب، ثم الأولى على سورية، ثم الأولى على الوطن العربي.

لكن، ماذا وراء هذه المنصة عبْر الشهور التحضيرية الماضية؟ وما أهم التحديات التي عبرتها شام البكور مع الفريق المعتبر جنوداً مجهولين للفوز بهذا التحدي؟

تحدينا الإرهاب الذي دمّر المكتبات

أجابنا علي العباس المنسق العام للمبادرة في سورية من دبي: هناك بعض التحديات الناتجة عن الحرب، مثل افتقادنا لبعض المكتبات التي دمرها الإرهابيون في مناطق مختلفة من سورية، وتغلبنا على هذه العوائق من خلال تأمين الكتب للطلاب في كافة المحافظات والمناطق التعليمية المشاركة في التحدي (14 محافظة و16 منطقة)، إضافة للطلاب المتفوقين والأمانة السورية للتنمية، وكنا أمام تحدّ كبير لإنجاح هذه المسابقة، والتحدي الثاني هو “الانترنت”، لأن العمل في هذه المسابقة يعتمد على نظام خاص بها، وكان هناك بعض المعوقات في بعض المناطق الريفية لأن “النت” ضعيف، أو واقع الكهرباء ضعيف، لكن، والحمد لله بوجود فريق متعاون ومتكامل استطعنا تجاوز هذه العقبات، وحصدت سورية وطفلتها شام البكور البطولة.

الفوز رد على أصوات التفشيل 

وأخبرنا محمد دحدوح منسق المسابقة المكلف من وزارة التربية: وهب الله شام هذه الطاقة والطلاقة وحب المعرفة من خلال القراءة لأنها لا تحب التعامل كثيراً مع “الهاتف المتحرك”، وصقلتها تربية أهلها، وعندما جاءت الدعوة لسورية للمشاركة بهذا التحدي، وبدأنا التنفيذ، كانت أصوات اليأس والتفشيل كبيرة جداً، مثلاً، أولادنا لا يقرأون، لا يتعلمون، وهذا جزء مضاف للتحدي لنثبت جهود أطفالنا واهتمامهم بالقراءة والتلخيص والتحدث بالعربية الفصحى، لذلك استمرينا وأصرينا على المضي قدماً، رغم ضعف التعاون من الهيئات الرسمية، سواء مديرية التربية أو الهيئات التابعة للمديرية أو حتى بعض المدارس لم تكن متعاونة كما يجب، ولكن بالإرادة والإصرار لا بد من نتيجة، وهكذا اكتشفنا شام، وتابعنا معها والفائزين المشاركين على مستوى حلب بدورات مناسبة، وكان هناك برنامج مكثف، وأغلب الجهود كانت فردية، وبحاجة للنحت بالصخر لأنها المرة الأولى لخوض هذه التجربة، وبعدما فازت شام على مستوى القطر استمرينا بدورات تدريبية بحلب، لأن الوزارة في دمشق وإقامة بطلة تحدي القراءة في حلب، وكانت شام معبأة جداً برفع راية سورية، وهذا ما حدث، آملين أن يرفع جميع أطفالنا علم سورية في كافة المجالات.

كل طالب حكاية

وبدورها، قالت نور شامية، رئيس دائرة التعليم الخاص بحلب: سعيدة في هذه التجربة لأن كل طالب هو حكاية وقصة، والعربية مقدسة، فكيف إذا كنا نراها من خلال قلوب وألسنة الطلاب، أمّا آلية العمل فمرت بعدة مراحل، بدأت باجتماع، تبعته مرحلة جمع البيانات، ثم الاهتمام بالنوع، واستلام أمناء المكاتب ملخصات المشاركين ليدخل في هذا الحيّز الإشراف من قبل مُختصي اللغة العربية، ثم مرحلة الاستعداد للتحكيم، واعتماد الموجهة الاختصاصية للغة العربية في مديرية التربية لينا ديبو كمدربة للمدرسين في مدارس حلب ليكونوا ضمن لجنة تحكيم في مدارسهم، ولقد قدم مركز الأمانة السورية مقره مشكوراً لتحضير المدرسين.

وتابعت: في جميع هذه المراحل تواجدت ميدانياً مع المنسق محمد دحدوح ورئيس دائرة المناهج والتوجيه محمد رسول قصير الذيل، وحاولت تغطية أغلب المدارس في القطاعين العام والخاص، وحضور مقابلات لجان التحكيم والمتسابقين، إلى أن وصلنا إلى المرحلة النهائية مع اعتماد لجنة محددة وزارياً في كل محافظة، تلاها سفرنا إلى دار الأوبرا بدمشق، لتكون شام الأولى سورياً، ثم بطلة التحدي عربياً.

وأكدت شامية: إن شام طفلة استثنائية بجهودها وجهود أمها بعيداً عن أي متسلق، ومسابقة تحدي القراءة العربي استثنائية لأنها الملاذ الآمن للقراءة بالعربية في زمن طحنتنا فيه رحى التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي.

جيل ينهض بالمستقبل

ورأت علام عبد الله عمري مشرفة شام في تحدي القراءة العربي ـ دبي، أنها تجربة رائعة ومميزة وراقية لأنها تسلط الضوء على الأطفال المميزين وتنمي مهاراتهم وتكسبهم قدراً كبيراً من المعرفة وتترك آثاراً رائعة في نفوس المشاركين، مما يساهم في تنشئة جيل متسلح بالعلم والثقافة والوعي والرقي بالعقول، جيل يدرك أهمية النهوض بمستقبله ومستقبل بلادنا، ونحن فخورون ببطولة شام البكور ووطننا سورية ووطننا العربي.

بطولة بلا محسوبيات

وأجابت لينا ديبو موجهة اللغة العربية: تجربة هادفة فاجأتنا بمستوى عالٍ من الطلاب الشغوفين بالقراءة والثقافة، وجعلتنا نكتشف مواهب رائعة، أمّا أهم تحدّ واجهناه فهو التحكيم بمصداقية بعيداً عن المحسوبيات والوساطات لانتقاء الأفضل، ولذلك، نجح هذا الفوز بتضافر موهبة شام البكور وجهود أمها إضافة إلى جهود المشاركين في الدعم والتشجيع والتدريب والتحكيم.

وأضافت: من التحديات الأخرى أن أغلب المدارس لم تكن تعلم ما هي مسابقة تحدي القراءة، وهناك تلاميذ بدأوا بالقراءة لكنهم لم يتموا الخمسين كتاباً، والملاحظ أن الريف البعيد شارك أيضاً، مثل دير حافر، وكانت المشاركة كبيرة من ريف نبّل، ومنهم من قرأ أكثر من خمسين كتاباً لكنهم لم يصلوا للمستوى المطلوب في هذه الدورة، آملة أن يحققوه في الدورة القادمة، ومن التحديات أننا كلجنة وصلها 450 طالبة وطالباً، جلسنا 12 ساعة كل يوم على مدى 3 أيام لاختيار الأفضل وهم 38، وبعد يومين، كانت هناك مقابلة لهم لاختيار 10 فقط، وكانت الفروقات كامنة في الشخصية والثقة والفصاحة، رغم أن أحد الطلاب المشاركين كان قد قرأ أكثر من 250 كتاباً ولديه ثقافة مقبولة، وكان من العشرة الأوائل على حلب، لكن شخصيته لم تكن متكاملة ضمن الشروط المطلوبة.