يتزحلق في زيته؟!
علي بلال قاسم
مع أننا في حضرة موسم الزيتون الذي جاء وفيراً هذا العام، لدرجة وصفه رئيس الحكومة بـ “موسم زيت غير طبيعي وأكبر من الاحتياج المحلي”، إلا أن تعاطي المجتمع الزراعي والتسويقي لم يك متطابقاً لجهة قرار تصدير ثلث إنتاج المزارعين من الزيت، في وقت يصل الإنتاج المتوقع إلى 820 ألف طن من الزيتون، و125 ألف طن من الزيت حسب تقديرات مكتب الزيتون.
قرار تصدير نحو 45 ألف طن من زيت الزيتون شكل استياء لدى كل من المزارع والمستهلك، وسط توقعات بارتفاع سعر صفيحة الزيت في السوق المحلية (16 كيلو) إلى أكثر من 300 ألف ليرة، في ظل عجز أغلب السوريين عن شراء المادة لانعدام قدرتهم الشرائية جراء التضخم الحاصل.
ويعلم المزارع، بحكم الخبرة، أن السماح بتصدير زيت الزيتون لن يساهم في تسويق المحصول والنهوض بقطاع الزراعة، في توقيت راح الكثير من التجار يضمنون بساتين الزيتون من المزارعين والاتفاق على شراء كميات كبيرة منهم مع تكفل التاجر بتكاليف القطاف والعصر والنقل والتعبئة في العبوات البلاستيكية والمعدنية.. كل ذلك ووزير الزراعة يرجع قرار السماح بتصدير مادة زيت الزيتون “بسبب انخفاض القدرة الشرائية للمواطن الذي بات يشتري كميات قليلة، فضلاً عن وجود فائض كبير من المادة في الأسواق”، لتمر الأيام على إيقاع الترويج لمكنة التصدير التي خاف الكثيرون من امتصاصها لموجودات ومدخرات السوق المحلي ما دفع بالأسعار للتواتر والتذبذب صعوداً في مؤشرات أقضت مضاجع المستهلكين الذين توقعوا غلاء في عز الموسم، فكيف الحال ونحن نتكلم عن التصدير الذي سيحرك السهم ارتفاعاً مهما كان خطاب دعاة التصدير منمقاً ومغلفاً بالتهدئة وتبسيط الأمور من خلال تطمينات على شاكلة “لا تأثير سلبيا للتصدير” على توافر المادة.. وهذا ما كان بمثابة ذر للرماد في عيون الزبون المحلي في وقت يتساءل كثيرون عن مصلحة المزارع وأمله بأسعار مغرية ومناسبة..؟!
قد تكون مبررات حماية المنتج من التهريب الأكثر إقناعاً عند مستهلك يرى بأنه “أولى بزيته”، ولكن ندرك أن المزارع وإن كان مقصد أي توجه للتصدير الذي يخدمه برفع السعر أمام تحكم التجار به، إلا أن الكعكة الأكبر تروح للسماسرة والقائمين على التجميع لصالح هذا التاجر وذاك، كما أن السياسة المتوازنة التي يراهن المواطن، عليها تأخذ بالحسبان ضعف المستهلك في قدرته الشرائية؟
بالعموم: أن تتربع سورية أعلى قائمة الدول العربية والرابعة عالمياً في التصدير، ففي ذلك دلالات ومؤشرات مهمة على صعيد قوة الاقتصاد وسمعة منتجاته وحضوره في الأسواق الدولية، ولكن ثمة آمال أن تكون القيمة الأكبر للفلاح والمزارع الذي يقع في فخ المتاجرة غير النظيفة مع إيهامه بأنه محط اهتمام.. فلا الجمعيات الفلاحية ترعاه ولا الإرشاديات تداريه وهو المتروك لقدره يتزحلق في رزقه ويقامر في محصوله في تركيبة تسويقية وتجارية لا ترحم وسياسات رعناء لا تعطيه “من الجمل أذنه”!!
نحن مع التصدير ولسنا ضده، ففيه نواتج مهمة في الاقتصاد والقطع. ولكن نسأل عن عوائد التصدير بالنسبة للمزارع المأسوف على تعبه وعرقه ومردوده، هل من الخطأ منح الفلاح بعضاً من العائدية كاشاً أو دعماً حقلياً تشجيعاً للتصدير وفي الوقت ذاته ودعماً ضد التهريب ومرابح التجار الحرام؟؟