معرض سائد سلوم.. الكتل المتحركة
أكسم طلاع
تتحركُ لوحة الفنان سائد سلوم وفق تصوّر معماري خاص ينطلق من تكوين هندسي بنائي يتصفُ بالتسامي والصعود عالياً، هذا التسامي يتحقّق من خلال حراك موسيقيّ خفيّ ولوبان صوفي حول الذات المستغرقة في بحثها عن يقين أو مستقر لها في هذا الفضاء المليء بالتدافع والحيوية نحو المطلق، هكذا تبدو لوحة الفنان سائد سلوم، عالماً من الكتل يتحرك نحو العالي دون توقف في الأطراف، فلا حدود للوحة أو نهايات، إنها الحركة الدائمة القادمة من طاقة الخلق العميقة.
عُرضت لوحات الفنان في صالة البيت الأزرق للفنون الجميلة مؤخراً، وقد لاقى المعرض ترحيباً وتفاعلاً من قبل الزوار ومتابعي تجربة المصور والأستاذ الجامعي الذي يغيب صفة الرسام ويبدلها بالبحثية والمعالجة التقنية وما ينتج عنهما من توقعات تتطور بتطور هذه التجربة المعبّأة بخصوصية استقصاء ذات جديدة للوحة، غير بعيدة عن ملامح التصوير التعبيري الذي يجسّد نزعات الفنان واستجاباته لمتطلبات المؤلف البصري بالمحدود من الأدوات التقليدية التي لا تتعدّى عائلة موحّدة من الألوان وبعض الخطوط النزقة.
عشرات اللوحات المنفّذة على القماش بألوان الأكرليك وبعض الأصبغة دون ترفٍ أو بذخٍ، مثل أولئك الغنائيين من الملوّنين. هنا ألوان محدّدة تتعايش بين درجات البني والأسود والأكر، ربما تكتفي فكرة الفنان بالقليل من التلميح حتى تكون حاضرة بكلّ سطوتها العاطفية، وربما يكون العنوان إشارة لجعل هذا الحلم المرسوم واقعياً، وخاصة في تسميات مثل: “عاصفة في شاطئ بصيرة– حديقة السبكي!”.. لوحات تولّد أسئلة وتتهكم، ولوحات ترمي رائيها في العزلة والفراغ!.
حضر في المعرض أكثر من أسلوب وطريقة في تنفيذ اللوحة، فضلاً عن طريقة الفنان التقليدية التي أثمرت مشاهد لا تخلو من السوريالية، وتصوير حالات الانعتاق الخبيئة في تلك الكتل الصماء المتراكبة والمعلقة ببعضها لتصل إلى سقف أزرق أو رمادي أو سماء من الغبار، ويتكرّر في مواقع أخرى، وكأنّ الفنان لا يكتفي بلوحة واحدة حتى تنتهي الفكرة.. ولن تنتهي.