خيارات قليلة
البعث الأسبوعية – محليات – بشير فرزان:
تواجه الحياة الأسرية أصعب امتحان على صعيد تربية الأبناء وضبط تصرفاتهم وبرمجة يومياتهم بما يؤهلهم ليكونوا أكثر فاعلية وحضور في مستقبل بلدهم ولهذا يتفانون الأهل في تأمين كل مايلزم لتعليمهم وتربيتهم بالشكل الصحيح ولكن يبدو أن الظروف التي عاشوها أيام الحرب وما يعانونه اليوم من القلة المعيشية بقسوتها الضاربة في الاستقرار الاجتماعي باتت تحدياً صعباً وبشكل قلص الخيارات أمام العائلات ودفع بعضها إلى عدم المبالات وإهمال أبنائهم بما زاد من ذلك الوجع الاجتماعي الذي نسمع أنينه في كل بيت حيث يعاني الناس اليوم من تراكمات نفسية في حياة أطفالهم تتجلى بالخوف والتخلف الدراسي و الفشل المتكرر في اكتساب أية مهارات جديدة وسيطرة السلوكيات العدوانية على تصرفاتهم وفقدان الثقة بالنفس وبالآخرين هذا عدا عن عدم احترام القانون والقيم الاجتماعية حيث ارتسمت في ذهنهم مشاهد جديدة للحياة تتسم بالعنف والقتل وغياب الرحمة والشفقة وعدم احترام الآخرين كالأهل والمدرسين ويمكن القول هنا بأن مايجري في حياة الطفولة ينبئ بارتفاع في نسبة الجريمة في المستقبل وسنصادف الكثير من الحالات النفسية التي ستحول مجتمعنا إلى مجتمع مريض فاقد للقيم وغارق في الجريمة.
وطبعاً الاستسلام لتداعيات الواقع الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي المتاثر بتداعيات الحرب والاكتفاء بإلقاء المسؤولية على مستجداتها أضعف أي تحرك أو تفاعل من الجهات التربوية مع هذا الواقع الطفولي المتخم بمظاهر العنف التي تتكاثر في المدارس خاصة مع الحضور الشكلي أو الغياب التام لكوادر الإرشاد النفسي والاجتماعي فيها ومن جهة أخرى الاستمرار بتسجيل الاعترافات بالمشكلة خلال الاجتماعات واللقاءات والورشات المتنقلة من فندق إلى أخر وتكرار الأحاديث عن ضرورة التخفيف من وطأة الأحداث الأليمة على الأطفال والترويج الإعلامي الدعائي لبعض المبادرات الفردية بعيداً عن الجماعي سواء المؤسساتي أو الأهلي .. يعد استنزافاً للجهود وإضاعة للوقت فالقضية تحتاج إلى منظومة عمل متكاملة تمتلك أدواتها الفاعلة وأساليبها في مكافحة ومعالجة الجريمة والعنف الطفولي وتضميد الأذى النفسي والسلوكي.