هل تدخل بريطانيا في حالة ركود اقتصادي
تقرير إخباري:
تزايدت الانتقادات في الشارع البريطاني لسياسات رئيس الحكومة الجديد ريشي سوناك، وخاصة بعد إقراره زيادة الضرائب، وأشار العديد من المحللين الاقتصاديين إلى أن الوضع الاقتصادي للمملكة المتحدة ضعيف، بينما وصفته نسبة منهم بأنه ضعيف للغاية استناداً إلى تصريح وزير المالية جيريمي هانت الذي بيّن أنه سيضطرّ إلى رفع الضرائب في خطة الميزانية من أجل إصلاح المالية العامة، وتخفيف ركود طويل محتمل، وقبل تصريحه نشرت بيانات عن الزيادات الضريبية وخفض الإنفاق، أظهرت أن ارتفاع فواتير الطاقة المنزلية وأسعار المواد الغذائية، دفع معدّل التضخّم في بريطانيا إلى أعلى مستوى في 41 عاماً في تشرين الأول.
وفي وقت سابق لفت ريشي إلى أنه سيُعلن عن زيادات ضريبية وتخفيضات في الإنفاق بقيمة 50 مليار جنيه إسترليني، مبيّناً أن الثقة في حزب المحافظين قد تضرّرت بسبب ميزانية ليز تراس، حيث أثارت الخطة المالية التي طرحتها رئيسة الوزراء البريطانية السابقة استياءً كبيراً في الشارع البريطاني لما تضمّنته من تخفيضاتٍ كبيرة في ضرائب الشركات، وتسبّبت بهبوط حادّ في سوق السندات وانهيار معدلات شعبيتها وشعبية حزبها، “لكن لا يمكن للناس أن يتوقّعوا من الدولة حل جميع المشكلات”، والحديث لسوناك، الذي أكد أنه سيستعيد ثقة الشعب من خلال الصدق بشأن الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها المملكة المتحدة، والشعب البريطاني سيحكم على ميزانيته الخريفية في 17 تشرين الثاني بأنها “عادلة ورحيمة”، مصرّحاً بأن الدولة لا تستطيع حل جميع مشكلات المواطنين، إذ “لا يمكن لأي حكومة أن تحل جميع مشكلات الحياة بهذه البساطة”، وذلك بعد عزمه زيادة الضرائب لتغطية عجز قدره 50 مليار جنيه إسترليني (نحو 57.3 مليار دولار).
واعترف سوناك بأن بلاده تواجه أزمة اقتصادية عميقة، وأنه سيضع الاستقرار الاقتصادي والثقة في صميم أجندة الحكومة، بينما بيّن محافظ بنك إنكلترا أنّ الاقتصاد البريطاني ربما كان على بُعد ساعات من الانهيار التام بسبب القرارات التي اتخذتها رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، حيث كانت الخطة المالية التي طرحتها تراس قد أثارت استياءً كبيراً في الشارع البريطاني، الأمر الذي دفعها إلى تقديم اعتذار عمّا تسبّبت به من تهديد للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معلنةً استقالتها من منصبها.
أزمة سوناك وحزبه لا تعدّ مختلفة عمّا تعانيه باقي الأحزاب الغربية عموماً، وهي أزمة القيادة، فمعظمها يعاني من المشكلات التقليدية التي تتمثل بالسيطرة على مقدّرات الحزب ومنع تداول السلطة مع قيادات شابة، حيث تتحكم بها عادة قيادات شعبوية تحاول اختصار الأحزاب بشخصها وتحويلها من مؤسسات حزبية إلى أحزاب “الشخص القائد الملهم”، وهنا لابدّ من الإشارة إلى أن سوناك وصل إلى رئاسة حزب المحافظين وورث حزباً منقسماً على خطوط عدّة تتراوح بين اليسار واليمين، والصعوبة الكبرى التي سيواجهها سوناك مصدرها الجناح الشعبوي المؤيّد لجونسون الذي يعدّ أكثر تطرّفاً في موضوع الخروج من الاتحاد الأوروبي.
أما وزير الدولة في الحكومة البريطانية أوليفر دودن فقد كشف أن الحكومة البريطانية مضطرّة لاتخاذ قرارات مهمّة وصعبة بشأن الضرائب والإنفاق في إطار سعيها لسدّ العجز في الميزانية، إلا أنه أحجم عن الكشف عن التدابير المحتملة، قائلاً: صحيح أنّنا نتخذ قراراتٍ صعبة، ولكن يتعيّن أن يكون هناك قرارات أكثر صعوبة بكثير في بيان الخريف، مع التركيز في الوقت نفسه على حماية الفئات الضعيفة.
ويسعى رئيس الوزراء ووزير المالية إلى وضع خطط تسدّ عجزاً لا يقل عن 40 مليار جنيه إسترليني (45.50 مليار دولار)، ومن المرتقب الكشف عن أولى خططهما للميزانية في 17 تشرين الثاني، ويقول المسؤولون: إن المشاورات لا تستثني أيّ خيار بما فيها تمديد ضريبة استثنائية على شركات الطاقة وخفض الإعفاء الضريبي على الدخل من توزيعات الأرباح.
لم تمنع اعتذارات الحكومة البريطانية خروج آلاف المتظاهرين في العاصمة البريطانية لندن للتظاهر ضد غلاء الأسعار وسياسة التقشف التي تتبعها الحكومة، منتقدين سياسة حكومة المحافظين الاقتصادية وسياسات الهجرة، ومطالبين بخفض أسعار الطاقة وزيادة أجور العاملين، الأمر الذي دفع سوناك للاعتراف بأن بلاده تواجه أزمة اقتصادية عميقة.
ميادة حسن