اقتصادصحيفة البعث

مواءمة الدبلوماسية والاقتصاد

حسن النابلسي

بعد مضي أكثر من عقد على اتخاذ الدولة قرارها بالتوجه شرقاً، يمكن القول إن الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية والمغتربين للهند هي البداية العملية بهذا الاتجاه، ولاسيما أنها المرة الأولى – ربما – التي يتحدث بها رأس هرم الدبلوماسية بأهمية استثمار العمل الدبلوماسي وتوظيفه في السياق الاقتصادي ولاسيما لجهة فتح أسواق تصديرية وجذب الاستثمارات.

وبغض النظر عن تأخر هذه الخطوة، فالأهم أنها قد حصلت، والأكثر أهمية الانتقال من مفهوم التعاطي الاقتصادي “التقليدي” مع الدول الصديقة، والقائم على بحث المعطيات الاقتصادية الفنية البحتة بين النظراء “وزارتي الاقتصاد بين البلدين” من قوانين وتسهيلات جمركية وإعفاءات استثمارية، إلى مفهوم التعاطي القائم على المواءمة بين “الدبلوماسية والاقتصاد”، فلغة الأولى عادة ما تكون غنية بمفردات كفيلة بإذابة الجليد وفتح المسارات والتفاهم مع الطرف الآخر، ممهدة بذلك الطرح السلس لما في جعبة الثانية “أي الاقتصاد” من مشاريع ومبادرات، ورفع مستوى قبولها وتجسيدها على أرض الواقع.

ويمكن النظر لهذه المواءمة بأنها تفكير من خارج الصندوق، ونأمل أن نشهد انعكاساتها قريباً على الواقع الاقتصادي ولو نسبياً، ولعلّها تأخذ مزيداً من الزخم بعد أن إقرار مجلس الوزراء أمس مذكرة وزارة الخارجية والمغتربين حول متابعة ملف الدبلوماسية الاقتصادية السورية ودور السفارات والقنصليات في فتح أسواق تصديرية جديدة للمنتجات السورية وجذب الاستثمارات، والتأكيد على ضرورة تكثيف جهود البعثات الدبلوماسية لتشجيع رؤوس الأموال السورية المغتربة للاستثمار في الوطن في ظل الحوافز والتسهيلات التي يقدمها قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021.

يفترض أن تشكل هذه المواءمة رسالة قوية لقطاع الأعمال عليه تلقفها واعتبارها فرصة ذهبية تمهد الطريق لمن لديه الإرادة الجادة بتوثيق العلاقات الاقتصادية مع بلد ينضوي ضمن مجموعة العشرين باقتصاد بلغ حجمه 3.47 تريليون دولار وفق آخر إحصائية معلنة.

تبقى الإشارة أخيراً إلى أن الهند بلد مهم إذا ما تم اتخاذه شريكاً ولاسيما لجهة الاستفادة منه تكنولوجياً، وبالتالي يمكن اعتبار أن الدبلوماسية أدت ما عليها في هذا الإطار، والكرة حالياً في ملعب الجهات المعنية كوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية المعوّل عليها استغلال هذه الفرصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الهند سواء لجهة جذب الاستثمارات، أم لجهة الاشتغال على تصدير المنتجات المحلية إلى الأسواق الهندية، إضافة إلى تفعيل مجلس الأعمال المشترك مع شبه القارة الهندية بشكل يتواءم مع ما هو مطلوب في هذا الاتجاه.

hasanla@yahoo.cm