“المسؤولية الطبّية” في ندوة لنقابة الأطباء و”العدل”
دمشق- بسام عمار
انطلقت فعاليات الندوة الطبيّة القضائية بعنوان “المسؤولية الطبية” التي تقيمها نقابة أطباء سورية بالتعاون مع وزارة العدل لمدة يومين في مقر النقابة.
وتم خلال الافتتاح طرح العديد من التساؤلات المهمّة التي هي موضع جدل وتساؤل من الأطباء والنقابة والمجتمع والمصادفة لعمل الطبيب ولها آثار قضائية عليه ويجب إيجاد الحلول المناسبة لها لحمايته هو والمريض في آن واحد، أي الحفاظ على حقوقهما وإصدار التوصيات الخاصة بذلك من الجهات المعنية.
وتمحورت هذه الأسئلة حول القيام بعمل جراحي دون موافقة المريض، وموضوع الإسعافات التي يتم خلالها استئصال بعض الأعضاء بسبب الحالة التي أصيب بها، والإجراءات التي تتم خلال الجائحات والعمليات التي تؤدّي إلى الاستئصال دون موافقة المريض، وآلية تطبيق القانون عند العلاج، والمفاجآت المرضية في العمل الجراحي، والمسؤولية الأخلاقية في العمل، وأهمية أخذ موافقة المريض قبل إجراء العملية الجراحية وتوزيع المسؤوليات على الأطباء عند الاشتراك بها، والمسؤولية الإشرافية للطبيب على طلابه، وحالات توقيف الطبيب وآليات تحريك الدعاوى ضده، والمسؤولية الجزائية والمدنية والمسلكية، ومضاعفات الاختلاط الطبي والخطأ الطبي، والمخاطرة بإجراء العمل الطبي، وهل تم بذل الجهد المطلوب عند العمل الجراحي.
نقيب الأطباء الدكتور غسان فندي، ذكر أن مهنة الطب إنسانية واجتماعية واقتصادية عامة، غايتها وقاية ومعالجة أفراد المجتمع من الأمراض وإعادة تأهيلهم الوظيفي، ومن يمارسها يجب أن يكون قدوة حسنة في سلوكه ومعاملته مستقيماً في عمله محافظاً على أرواح الناس وأعراضهم ورحيماً بهم وباذلاً جهده في خدمتهم، مشيراً إلى أن التطوّر الهائل في المجال الطبي وازدياد التقانات الطبية في الاستئصال والعلاج زاد من الأضرار وضاعف الأخطاء، وبالتالي أصبح مطلوباً من الطبيب أكثر من قبل أن يصل بالمريض إلى برّ الأمان وأصبح من الضروري وضع قوانين خاصة بالأطباء ومسؤوليتهم، حيث لا يوجد في التشريعات نصوص خاصة حول المسؤولية الجزائية للأطباء أي أن القانون لا يخصّهم بأحكام خاصة تتعلق بأخطائهم بصورة مستقلة عن غيرهم.
وأضاف: في غير حالات الجرم المشهود لا يجوز استجواب الطبيب أو توقيفه أو تحريك الدعوى العامة بحقه قبل إبلاغ مجلس الفرع التابع له ليكون على علم واطلاع بالإجراءات المتخذة ضده، وإصدار تشريعات خاصة بمسؤولية الطبيب بمعزل عن القوانين العامة تراعى فيها طبيعة عمله وظروفه، وإيجاد صندوق لدعم الطبيب سواء في النقابة أم في صندوق خاص أم عن طريق إحدى شركات التأمين لتسديد التعويض المالي عوضاً عن الطبيب في حال الحكم عليه بتعويض بموجب قرار قضائي مبرم، وضرورة إشراك النقابة في أي لجنة طبية تبحث في مسؤولية الطبيب المدنية أو الجزائية وعلى جميع المستويات، وضرورة عرض أو تصديق تقرير الطبيب الشرعي من النقابة إذا كان الطبيب طرفاً فيه قبل عرضه على المحاكم، والعمل مع وزارة العدل على استصدار قراراتٍ رادعة وحازمة بحق كل من يعتدي على الطبيب خلال ممارسته للمهنة أو بسبب ممارسته لها، وإصدار تشريعاتٍ رادعة بحق وسائل الإعلام المختلفة التي تتهم الطبيب بارتكابه خطأً طبياً قبل صدور قرار قضائي مبرم بحقه.
معاون وزير العدل القاضي المستشار تيسير الصمادي، أوضح أن الهدف من الندوة التعريف بالمسؤولية الطبية والخطأ الطبي وأنواعه ومسؤولية الرجل المعتاد، وهو أمر مهم للأطباء وللقضاة، وبالتالي تبادل الآراء بين النقابة والوزارة لتحسين عمل الأطباء وجعلهم لا ينظرون إلى الأحكام التي تصدر بحق البعض منهم على أنها أحكام جائرة، مبيّناً أن هناك بعض المسائل الإشكالية التي لم تعالج كما يجب بالقانون مثل زرع الأجنة والاستنساخ والموت الرحيم، وأنه ليس هناك إحصائيات دقيقة حول الأخطاء الطبية، ولكنها أصبحت تُطرق أكثر من السابق من وسائل الإعلام للإضاءة أو من خلال النقابة أو الأشخاص الذين يراجعون المشافي، ولاسيما الخاصة منها، مشيراً إلى أن الوزارة أصدرت العديد من التعاميم المتضمّنة عدم إيقاف الطبيب قبل إجراء خبرة طبية على الحالة المعروضة والتأكد من أنها تقع تحت طائلة الخطأ المهني الجسيم.
معاون وزير الصحة الدكتور أحمد ضميرية، بيّن أن الندوة غاية في الأهمية لحماية الطبيب وتوضيح واجباته وحقوقه، وبالتالي يعرف ما له وما عليه، والمواطن يأخذ حقه بشكل كامل، والندوة تتناول موضوعاتٍ جريئة وإشكالية في المجتمع يجب الإضاءة عليها من الناحية الطبية والقضائية، لافتاً إلى أن الاختلاط الطبي موجود في كل دول العالم، وهو شيء وارد الحصول ومتضمَّن في المراجع الطبية العالمية، ومؤكداً أهمية رأي اللجان عند حدوث الأخطاء الطبية.
وسيتم في نهاية الندوة رفع التوصيات إلى الجهات المعنية للاطلاع عليها ومناقشتها.
حضر الندوة عدد من المحامين العامين والقضاة وعدد من أعضاء مجلس الشعب، ومندوبون عن شركات التأمين.