رياضةصحيفة البعث

من وحي المونديال.. الانضباط واللعب النظيف أهم عوامل التطور الكروي

ناصر النجار
من أهم الملاحظات التي يمكننا تسجيلها على مباريات مونديال قطر مسألة السلوك والانضباط الذي يلتزم به الجميع ضمن ميدان الملعب وخارجه من اللاعبين والمدرّبين وبقية كوادر اللعبة، حتى في مسألة الشكوى من القرارات التحكيمية فإننا لم نجد أحداً اشتكى على حالة من الحالات في المؤتمرات الصحفية أو هاجم حكماً في مقابلة إعلامية.
الموضوع على الصعيد العالمي غير مستغرب، لأن كلّ الدوريات الكبرى ومن في حكمها أسّست لموضوع السلوك واللعب النظيف على أنه في المقدمة وغير قابل للمساومة، هذا النهج بدأ العمل به في آسيا قبل عشر سنوات عندما حدّد الاتحاد الآسيوي غرامات مالية على الفرق واللاعبين الذين يخرجون عن أدب الملاعب وقدسية قوانين كرتها، والغرامات المفروضة لم تستثنِ أحداً وبدأت من البطاقة الصفراء، فأي لاعب ينال البطاقة الصفراء في أي مباراة تُفرض عليه غرامة مالية تعادل مليون ونصف المليون ليرة، أما الحمراء فتعادل مليونين ونصف المليون ليرة، والغرامات تتصاعد مع تصاعد المخالفة، ولم يهمل الاتحاد الآسيوي أي حالة حتى التصريح المسيء لوسائل الإعلام له عقوباته المالية، إضافة لذلك هنالك عقوبات توقيف متناسبة مع كلّ المخالفات.
الاتحادات المحلية في آسيا وجدت في هذه القوانين حلاً لمشكلاتها الانضباطية مع اللاعبين والكوادر والفرق والجمهور، فطبقت هذه القوانين بصرامة دون محاباة لأحد، حتى أصبحت الدوريات العربية في أغلبها منضبطة وملتزمة مع استثناءات هنا وهناك لا بد منها.
كلّ خبراء الكرة في العالم يؤكدون أن بناء الكرة وتطورها لا يمكن أن يتمّ دون وجود الانضباط والأخلاق والالتزام بالقواعد والقوانين، لذلك وجدنا التطور المتصاعد بكرة الخليج وشرق آسيا، لأن أهل الكرة هناك اهتموا بفنونها وبحثوا بأسلوب علمي ودراسة مستفيضة عن أسباب الخسارة أو التراجع بشكل واقعي ومنطقي، وابتعدوا عن إثارة الشغب والتهجم على الحكام واتهام الآخرين بأنهم أسباب الخسارة والتدهور.
مع مرور الزمن أصبح اللاعب الآسيوي أكثر انضباطاً، وسلوكه رياضي بعيد عن النرفزة والاعتراض وإحداث المشكلات.
كرة القدم تبدأ عندما تنضبط الكوادر أولاً، وعندما نسير على السلوك الرياضي واللعب النظيف، وهذا ما يجب العمل عليه في نشاطاتنا المحلية وتكريسه مهما كانت الأثمان، والتغاضي عن الحالات أو بعضها والتخفيف من أثر العقوبات لا يخدم كرتنا، ولا يمكن أن يضعها على الطريق الصحيح.