اقتصادصحيفة البعث

قادمات الأزمة المتوقعة تقتضي تكاملية صارمة في القرارات والتطبيقات

البعث – قسيم دحدل

لا ريب في أننا على أعتاب مرحلة صعبة لا تشبه ما فات، بدأت مؤشراتها تتبدّى، ويمكن استشفاف بعض القادم، وحتى تلمّسه، من الواقع الحالي الذي نمرّ به، وخاصة  على الصعيد الاقتصادي المؤثر عضوياً في المستوى المعيشي والمحدّد لكيفية مواجهة طلاسمه المعلومة والمجهولة.

ما سلف يمكن أن يكون تعبيراً وترجمةً لما قاله وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في تصريح صحفي مؤخراً من “إن تأثرنا بالأزمة الاقتصادية القادمة سيكون مضاعفاً”. ما يعني أن الأوضاع ستصبح أكثر صعوبة وقساوة، وعليه فإن هذا التصريح ربما يكشف لنا ما سيتمّ اتخاذه من قرارات قد تكون مصيرية من عدة نواحٍ، وخاصة لناحية قدرة المواطن السوري على كيفية مواجهته لتحديات الأزمات الاقتصادية الخارجية والداخلية، المركبة في أبعادها وتداعياتها وتأثيراتها.

من هذا المنظور يبدو أن كلّ ما يطالعنا به المسؤولون من تصريحات تحذيرية، وحتى تهديدية، للفاسدين وللعابثين بأمننا الاقتصادي والاجتماعي، مجرد عصا – سواء استُخدمت أم لم تُستخدم واكتفي بالتلويح بها تخويفاً – فنحن أمام “لا خيارات” حقيقية تنشلنا مما نحن فيه أو تحصّننا، نوعاً ما، مما هو متوقع، أو على الأقل تجعلنا نواجه بما نمتلكه من إمكانيات وقدرات مهما قلَّت وضعفت، شرط تقاسم الأعباء بين الحكومة والمواطن.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن التحذير من أن “أية منشأة أو فعالية تستجرّ مشتقات نفطية من السوق السوداء ولا تبلغ وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن البائع، ستكون وتعتبر شريكاً في الإتجار غير المشروع بالمشتقات النفطية ويطبق عليها المرسوم التشريعي رقم ٨ للعام ٢٠٢١”، هو تحذير، كي يكون له نتائج حقيقية، لا بدّ أولاً من القضاء على القنوات التي تُستجرّ منها تلك المشتقات، خاصة وأنه يمكن الادّعاء بأن كلّ تلك الأقنية معلومة المصادر والأماكن.

ولعلّ ما طرحه أحد الصناعيين في هذا الشأن هو عين القرار الصحيح، حيث قال بوجوب القيام بحملة مصادرة واسعة لتلك المشتقات، على الطرقات والمستودعات وأماكن انتشارها، شرط أن يكون القرار حاسماً والحملة منظمة ومسنودة بقوة تنفيذية.

وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أوضحت أنها حذّرت المنشآت والفعاليات التي تستجرّ المشتقات النفطية السورية المسروقة، ولم تحذّر المواطنين الأفراد، أما المشتقات التي تأتي مع القادمين من الحدود، فهي لا تقع تحت صلاحية الوزارة،  وهنا من الملفت أن توضيح الوزارة يشي بأن هناك صلاحيات ومساحات ليست بمتناولها في الوقت الذي يجب أن يكون هناك تنسيق وتعاون متكامل، وعليه إن كنّا نريد لقراراتنا أن تكون فاعلة وحازمة، فيجب بدء الكي من منبع الفساد لا من نهاياته، وبالتالي على ذلك يكون القياس وتطبيقاته في مختلف مكامن الفساد والمفسدين، فالحلول الجزئية لا تنتج حلاً ناجعاً، بل تبقي المشكلة قائمة!.

Qassim1965@gmail.com