هموم كرة القدم على بساط البحث والمفاصل الأساسية تحت مجهر التقييم
البعث الأسبوعية-المحرر الرياضي
مما لا شك فيه أن كرتنا تعاني من حالة انعدام الوزن، وفي المتابعة والمراجعة لعمل اتحاد كرة القدم نجد فيه السالب والموجب وهو أمر طبيعي في كل المهام على صعيد كل القطاعات الرياضية وغيرها، لكن مكمن الخطورة عندما تتجاوز نسبة السلبيات الإيجابيات وهذا يؤدي إلى الانحدار وسوء المصير والخاتمة.
خمسة أشهر ونصف مرت على اتحاد الكرة الجديد فيه الحلو والمر، وفيه الخطوات الجديدة التي تمنحنا بعض التفاؤل رغم أن مجلس إدارة اتحاد كرة القدم ليس على سوية واحدة من العمل والتفكير، فكما أن البعض مهتم بالتطوير والنهوض والبناء نجد آخرين اهتمامهم منصب على مصالحهم الشخصية الضيقة وآخر همهم هو كرة القدم وتقدمها.
فالظروف المحيطة تحبط الكثير من المشاريع التطويرية، وأهم عامل سلبي هو الأزمة المالية التي تعيق تطوير مناهج المسابقات التي وضعت أغلبها مسلوقة وذلك تماشياً مع حالة التقشف التي تعيق عمل الأندية وتنفيذ برامجها خصوصاً في الدرجتين الأولى والثانية ومع الفئات العمرية أيضاً، كما أن مقترح دوري تحت 23 سنة بات في مهب الريح وهو مؤجل لموسم قادم ولا ندري إن كانت الأجواء التي نتحدث بها تصلح للتنفيذ.
مصادر خاصة كشفت لـ”البعث الأسبوعية” أن اتحاد كرة القدم يبحث عن ممولين لمشاريعه الجديدة على صعيد المسابقات العمرية بحيث تتولى هذه الجهات الانفاق على هذه المسابقات وقد ينجح في مسعاه أو لا ينجح وهذا مرتبط بالظروف الراهنة وبالتفاؤل بقادمات الأيام والأشهر، فنحن موعودون بشيء جميل والإنسان بطبيعته محكوم بالأمل.
أزمة ثقافة
أما على الصعيد الفني فمن الصعب إن لم يكن مستحيلاً أن تجد كرتنا قد تجاوزت كل المطبات بالسهولة المتوقعة ومن الخطأ أن نجد هذه المنتخبات قد تجاوزت أذى السنوات الماضية بسهولة ويسر ولا بد من فترة قد تطول أو تقصر لتستعيد منتخباتنا ألقها على الصعيد العربي والإقليمي والآسيوي، لذلك لا نستغرب أبداً النتائج المحققة لكل المنتخبات في الوقت الحالي لأن خطوات البناء بدأت وتحتاج إلى فترة زمنية معينة لتستعيد كرتنا مكانتها.
المشكلة الأهم التي تعاني منها رياضتنا بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص هي أزمة أخلاق وأزمة ثقافة، وهما داءان خطيران ، وتكمن هذه المشكلة بمن يخرق القوانين والأنظمة ويتعامل بلا أخلاق وانضباط مع كل التفاصيل الكروية، فترى البعض يفتقد للأمانة المهنية والخبرة العملية ويتدخل بكل صغيرة وكبيرة في سبيل تمرير مصالحه الخاصة الضيقة، وما يزيد في هذا الأمر حدة وأذى أن البعض منهم يقود عدة صفحات فيسبوكية لتحقيق أهدافه عبر الضغط بكل الوسائل غير الشرعية، لكن للأسف في هذا الأمر أن البعض من أصحاب القرار يستجيب لهذه الضغوط أحياناً.
الصورة القادمة تضعنا أمام بعض الضغوط وأشكالها والحالة السلبية التي تعتري بعض فصول كرة القدم، على أمل الانتباه وعدم الاستجابة لكل ما يطرحه الطفيليون وأصحاب المصالح، فالمصلحة العامة أعلى وأكبر وأهم من كل التفاهات المطروحة هنا وهناك.
الثقافة الفيسبوكية
في الحقيقة التي باتت واضحة أن وسائل التواصل الاجتماعي صار لها كلمة مؤثرة في الشأن الرياضي بشكل عام والكروي بشكل خاص، والمشكلة ليست في الذين ينشرون على صفحاتهم إنما بالذين يسمعون ويستجيبون لهم.
وإذا أمعنا النظر في هذه الصفحات فإننا نجدها تعمل لمصلحة زيد أو عبيد ، وهناك بعض المدربين يوجهونها لأنهم خارج سرب المنتخبات أو على قوائم الانتظار لتدريب أحد الأندية، ومادام هذا المدرب أو ذاك على مقاعد المتفرجين فإن عمله مخصص لانتقاد زملائه الآخرين إما علناً من خلال بعض البرامج أو من وراء صفحات الفيسبوك المستأجرة، لذلك نجد أن المدربين العاملين سواء في الأندية أو المنتخبات هم صيد سهل لأولئك ، والحقيقة هذه يدركها الجميع وهي معروفة ببواعثها وشخوصها وغايتها من ذلك الانضمام إلى المنتخب هذا أو ذاك أو إلى أحد الأندية.
الأهمية في الأمر أن المدربين أو من في حكمهم من أشباه المدربين يريدون الانضمام لأحد المنتخبات ليس من أجل المنتخب إنما من أجل سيرتهم الذاتية لترتفع أسهمهم في عمليات التسويق المحلي والخارجي، وللأسف باتت منتخباتنا وسيلة فردية لتمرير المصالح الشخصية ولتكون مطية للضعفاء والمستغلين والمتطفلين على هذه المهنة.
سيرة مخجلة
أحد المدربين المتطفلين على كرة القدم جند كل شيء ليكون مدرباً في أحد المنتخبات وأوقع نفسه في شر كلامه، وإذا اطلعنا على سيرته الذاتية لوجدنا أن رقمه القياسي في تدريب الأندية لا يتجاوز الأربع مباريات، ومازال ينتقد كل المدربين حتى الآن واتحاد كرة القدم، وإذا كان هذا المدرب لم ينجح مع الأندية كبيرها وصغيرها، فهل سينجح في تدريب منتخباتنا كبيرها وصغيرها؟
أحد المدربين (الفيسبوكيين) أتيحت له فرصة الظهور الإعلامي محللاً لمباريات الدوري الكروي الممتاز ولمباريات المنتخبات الوطنية الأربع التي كانت مشاركاتها وافرة في الفترة الماضية، هذا المدرب وجدها فرصة لتناول كل المدربين من خلال مقابلاته بالتحليل ولصق كل الإخفاقات بظهر المدربين دون أن يعير للظروف والإمكانيات أي اعتبار، وكان هذا الظهور الإعلامي طريقاً له لتدريب أحد الأندية فانكشف مستواه من المباراة الأولى، وبدأ بالتبرير لنفسه، وصار يكيل لمن سبقه باتهامه بسوء التحضير وسوء الإعداد ومن هذا الكلام المحفوظ عن ظهر قلب.
بعيداً عن صراع أهل هذه المهنة فإن النظرة العامة إلى الحالة الفنية للمدربين تشير إلى أن مدربينا على قسمين، قسم يملك الحنكة وتراكم الخبرات التدريبية في الدوري وهم مجتهدون ويبذلون ما بوسعهم لتطوير علومهم الفنية، وقسم أخر عالة على هذه المهنة، وإذا كان بعض المحسوبين على مهنة التدريب يحفظون كم جملة تحليلية فليس من الضروري أن يكونوا مدربين وننصح هؤلاء أن يتجهوا نحو مصالح أخرى قد تكون إدارية أو إعلامية فقد ينجحون بها وهو أفضل من يسير بطريق مسدود وكما يقول القائل (فاقد الشيء لا يعطيه).
حلول مطلوبة
من جهة أخرى فإن العملية الفنية في كرتنا محدودة جداً، والاجتهاد الشخصي لا يصنع مدرباً محترفاً وأحد الأدلة على ذلك أن مدربينا لم يبقوا كثيراً في دول الجوار ولم نجد مدرباً مطلوباً لفريق له قيمته في الدوريات العربية، وهذه القضية تحتاج إلى حلول، فلا يكفي للمدرب أن يملك شهادة (برو) مثلاً ليكون مدرباً ناجحاً، قد يكون على الصعيد النظري فاهماً لبعض الأساليب التدريبية، لكنه عملياً قد يكون غير ذلك.
الحل في هذه القضية هي المعايشة وهي مهمة لتطوير الحالة الفنية عند المدربين، وهذا الأمر يجب أن يتولاه اتحاد الكرة والأندية معاً عبر إرسال المدربين والمواهب إلى فترات معايشة مع الأندية العربية المتطورة أو الأندية العالمية وذلك يتم عبر الاتفاقيات وقد بدأها اتحاد الكرة مع العديد من الدول العربية ومن المأمول أن تكون هذه الفكرة من الأولويات، ولنقتنع أنه دون تطوير مدربينا لن تتطور كرتنا.
الفكرة الثانية للتطوير استقدام مدربين من الخارج مهمتهم تطوير الحالة الفنية في كرتنا عبر دورات نظرية وعملية، هذه الدورات يجب ألا تكون على شاكلة الدورات المعروفة، إنما هي دورات تحاكي تحضير فريق، فالقصد أن تكون مدة الدورة طويلة الأمد وأن يكون قوامها فريق من الفرق يبدأ بالتحضير والاستعداد مع نهاية موسم وتستمر هذه الفترة حتى نهاية الموسم الذي يليه.