صحيفة البعثمحليات

إصلاح ضريبي بعد 63 عاماً!!

غسان فطوم

خلال العقود الماضية تم عقد الكثير من ورشات العمل والندوات وإلقاء مئات المحاضرات حول ضرورة الإصلاح الضريبي، وصدر العديد من المراسيم والقوانين والقرارات، لكن للأسف لم يحدث أي إصلاح ضريبي حقيقي على النظام الحالي المتبع منذ عام 1949، أي لم نلمس أي تغيير إيجابي “عليه القيمة!”.

ولا شك أنه من المؤسف والمؤلم أن تمر ثلاثة وستون عاماً ونحن نجتر الكلام نفسه ونتبع الطرق الضريبية نفسها، ونقع في الأخطاء المالية نفسها التي انعكست سلبياً بشكل واضح على سياساتنا وخططنا الاقتصادية، وخاصة على مستوى معيشة المواطنين، حيث تعتبر عدالة الضريبة مقياساً لسلامة ونجاح النظام الضريبي في أي بلد، غنياً كان أم فقيراً. وبهذه الجزئية نجد أن النظام الضريبي السوري الحالي لم يحقق العدالة الاجتماعية. والمفارقة أن تتزايد الإعفاءات أو الميزات الضريبية لأصحاب رؤوس الأموال والشركات والمصانع والمعامل والمنشآت على اختلاف أنواعها، في وقت يتهرب العديد منهم من دفع الضرائب، بينما ضريبة الدخل على الأجور والرواتب لا تزال “ظالمة” رغم الوعود برفع الحد الأدنى المعفى من الضريبة، عدا عن الضرائب الأخرى التي يدفعها المواطن، من دخله “المهدود”، على خدمات وأمور لا يستفيد منها. والسؤال هنا: أين التشريع الفعال لمكافحة التهرب الضريبي؟ 

أمام هذا الواقع لا يمكن أن نراهن على منظومة الربط الالكتروني التي بدأ العمل بها مع بداية الشهر الحالي في المنشآت والفعاليات الاقتصادية، وإذا كانت هي خطوة على طريق الإصلاح، غير أنها لا تكفي وقد لا تحقق أهدافها طالما الأساس (النظام الضريبي) يعاني من صعوبات ومعوقات، وأهمها استمرار غياب الإدارة الضريبية، علماً أن هيئة الضرائب والرسوم تقول “إن الإدارة الضريبية الحالية تعمل بشكل متوازٍ مع عدة إصلاحات مرحلية ومستقبلية”. والسؤال هنا أيضاً: لماذا لم تستطيع لغاية اليوم وضع تشريعات ضريبية واضحة ومرنة؟ ولم تستطع القضاء على مظاهر الفساد الإداري والمالي واستغلال أموال الدولة نظراً لغياب الرقابة والمحاسبة؟ ولم تستطع أيضاً أن تحقق المعيار الأهم وهو الشفافية والنزاهة؟!

إن ما يزيد الأمر سوءاً هو غياب الهوية للاقتصاد السوري الذي “يمشي بنور الله!”، وهذا ما يحتم الإسراع في عملية إصلاحه لأنه لا يمكن تنميته وإنعاشه إن لم نقم بإصلاح النظام المالي. ولا شك أن إصلاح النظام الضريبي يأتي في المقدمة لما له من أهمية، كونـه يمثـل المورد الأساسي للإيرادات العامة في أي اقتصاد. وبالمختصر، هناك خلل واضح في تطبيق الضريبة لذا بات الإصلاح الضريبي مسألة ضرورية بما يتوافق مع الإصلاح الاقتصادي وليكون محركاً حقيقياً لنموه.