فلاحون يحذرون من انهيار القطاع الزراعي في ظل شح المحروقات!
دمشق – محمد العمر
تزداد المعاناة أكثر وتتعقد العملية الإنتاجية الزراعية لدى الفلاح في ظل الشح والنقص بتأمين مادة المحروقات للمزروعات، في وقت بتنا نسمع أن الكثير من المزارعين منذ بداية الموسم اضطروا لتأجير أراضيهم لارتفاع التكاليف، خاصة وأن المحروقات تلعب دوراً رئيسياً في إتمام الإنتاج ابتداء من فلاحة الأرض وحتى التسويق ونقل المحصول، والأنكى أن مادة المازوت تغيب اليوم عن الأسواق مع انطلاق موسم القمح والشعير، وزادت قرارات تخفيض المخصصات للمازوت ورفع السعر للفعاليات الاقتصادية مؤخراً لتزيد الطين بلة وتضاعف من الأعباء على القائمين في القطاع الزراعي من خلال زيادة النفقات أكثر من السابق، ليقول الفلاح اليوم بالفم الملآن إنه بات عاجزاً تماماً عن توفير المازوت لمضخات المياه في ري محاصيله، وجرارات الزراعة المستخدمة في الحراثة، بعدما صار البعض مرغمأ على شراء المادة من السوق السوداء بأسعار مرتفعة فوق طاقتهم.
المازوت بسعر خيالي..!
فلاحون أكدوا لـ “البعث” أن شراء مادة المازوت من السوق السوداء أصبح بأسعار خيالية تجاوزت 10 آلاف ليرة لليتر الواحد، وهناك تخوف، وخاصة لأصحاب المشاريع الزراعية الصغيرة والمعاصر والمداجن من تداعيات شراء المادة من السوق السوداء وتعرضهم للمساءلة القانونية، محذرين من العزوف عن الزراعة بالمواسم المقبلة إن بقيت الأمور دون معالجة.
مدير الشؤون الزراعية بالاتحاد العام للفلاحين محمد خليف أكد أن تأمين مادة المازوت للفلاح من إحدى الأمور الهامة التي تقف حجر عثرة أمام الزراعة اليوم، وأن ارتفاع سعر مادة المحروقات أو فقدانها سيكون له منعكسات سلبية على القطاع الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي، مبيناً أن الكميات الموزعة من لجان المحروقات في المحافظات قليلة، حيث إن توزيع كميات 4 أو 5 ليترات للدونم الواحد لا تكفي، وخاصة للزراعات الهامة، مما يجعل الفلاح يؤمن المادة من السوق السوداء بالسعر الحر،وهذا له تبعات على زيادة الأجور في العمليات الزراعية من فلاحة ونقل وشحن وتشغيل مضخات الري وماكينات الحصاد، موضحاً أن الاتحاد سيبقى مستمراً بدعم الفلاح وتخفيف تكاليف العمل الزراعي ما أمكن، وخاصة في ظل الارتفاعات الحالية من الأسمدة والمحروقات، لافتاً إلى أن إيجاد بطاقات توزيع للفلاحين سيسهم في إيصال الكميات المدعومة من المازوت لأصحابها والمستفيدين بالقطاع الزراعي المعتمدة على وثائق حيازة وتنظيم زراعي والكشف الحسي لمن لا يملك الوثائق، وهي إجراءات ستدعم العمل الزراعي بالتأكيد.
وزاد في الطابور نغماً..
ولم يكن ينقص الأسواق غلاء حتى تزيد الأسعار بالخضراوات والفواكه عن السابق، وذلك لنقص مادة المازوت وبات البحث عنها كمن يبحث عن الإبرة في كومة قش، وإن وجدها يجدها ثمينة لا قدر له على شرائها في ظل ضعف القدرة الشرائية!.
محمد العقاد عضو لجنة الخضار والفواكه في سوق الهال اعتبر أن أجرة النقل ضاعفت من الأسعار في نقل المنتجات الزراعية كونها زادت من تكلفتها، ومادة المازوت -كما يقول العقاد- أحد هذه العوامل التي تدخل في سعر الكلفة، وخاصة في أمور النقل والشحن من مكان الإنتاج إلى الأسواق المركزية.
الدكتور أسامة العبد الله، مدير إدارة البحوث الزراعية والبستنة، أكد أن البحوث الزراعية طالتها تداعيات قرار تخفيض مخصصات المحروقات إلى النصف ونال من وظائفها، وأوضح أن هذا القرار كان له تبعات كبيرة على العمل بالأبحاث الزراعية، وخاصة في العمل الميداني وإجراء الكشوف الحسية والاختبارات على الأراضي والمحاصيل وأخذ العينات، مشيراً إلى أن القطاع الزراعي برمته سيتضرّر جراء هذا النقص بمادة الوقود التي يعتمد المزارعون عليها في عمليات ري المحاصيل ونقلها حتى على مستوى التخزين في البرادات، مما سينعكس سلباً على الإنتاج وأسعار المواد والمنتجات بشكل عام، وهذا ما سيلحق الضرر بالأسواق وخلق حالة كساد تضخمية وشلل للنشاط الزراعي مع فقدان السلع.
الخبير الزراعي المهندس محمد القاسمي بيّن أنه في ظل أزمة امتدت على مدى 12 عاماً ونالت من قطاع يعمل به أكثر من 75 بالمئة من الريف، من المؤكد سيكون هناك العقبات وهذه المؤثرات، خاصة وأننا تحولنا حسب قوله من الوفرة والإنتاج والتصدير إلى الندرة والاستيراد. وأشار إلى أن القرارات الأخيرة برفع المحروقات بعد تخفيض المخصصات من شأنها التأثير بشكل مباشر على القطاع الزراعي مما سيؤدي إلى تراجعه وعزوف المزارعين عن العمل به بنسبة أكثر من السابق، ويتساءل القاسمي عن كيفية استمرار الفلاح بتحمل تكلفة المحروقات وإكفاء موسمه، في ظل ارتفاع نسبة كلفة المحروقات في الإنتاج الزراعي إلى أكثر من 75 بالمئة بعدما كانت 40 بالمئة، في وقت تغيب فيه المحروقات اليوم مع انطلاق نشاط معاصر الزيتون ومواسم القمح والشعير، فالجرار الزراعي -حسب قوله- يحتاج في الفلاحة للأرض إلى 4 ليترات مازوت بالوسط بالدونم الواحد وكذلك الحصادة، وينطبق الأمر على المداجن التي ستتوقف نهائياً في حال لم يتم إسعافها بمادة المحروقات كون هذه الارتفاعات ستزيد في كلفة الإنتاج لبيض المائدة والفروج جراء الحاجة اليومية للتدفئة في فصل الشتاء، كما أن هناك زراعات هي بحاجة مستمرة لريات وسقايات متواصلة من المياه كالقطن والشوندر والذرة والخضار، حتى الزراعة المحمية أيضا تأثرت ولاسيما أن حاجة البيت البلاستيكي الواحد نحو 1500 ليتر محروقات في الموسم ، مبيناً أن السورية للتجارة توقفت أيضاً عن نقل الحمضيات والتفاح من الحقول بسبب فقدان المحروقات!