أين محافظة الريف من الدعم الكهربائي؟ مراكز تشتعل بملايين الليرات والوعود الخلبية تتبخر على نار المحولات
“البعث الأسبوعية“ ــ علي حسون
لم يعد خافياً على أحد الواقع السيئ للكهرباء في ظل نقص التوريدات والحصار الجائر على سورية، لكن الأمر لا يخلو من تقصير وعدم متابعة من المعنيين في شركة كهرباء ريف دمشق، إذ تعاني المحافظة بشكل عام نقصا كبيرا بالمحولات الكهربائية وسوءاً في الشبكة الكهربائية نتيجة الإهمال والتقاعس لجهة صيانة الشبكات في فصل الصيف وتزويد المدن والبلدات بالمحولات اللازمة، وخاصة وأن محافظة الريف لم تحظ لغاية الآن بالدعم المقدم لباقي المحافظات. ولو تابعنا شاحنات محملة بمراكز تحويل وأمراس وأكبال إلى أغلب المحافظات برفقة وزير الكهرباء أو المعنيين بالوزارة، لتساءلنا: أين حصة المحافظة من الشاحنات؟
إشكاليات مجتمعة
يرد مصدر مطلع من وزارة الكهرباء فضّل عدم ذكر اسمه بأن محافظة الريف بحاجة إلى مراكز كبيرة ومحولات باستطاعات مختلفة وهي غير متوفرة في الوقت الحالي.
والحال فإن هذه الاشكاليات مجتمعة أدت إلى تفاقم أزمة الكهرباء في الريف بزيادة الانقطاع المتكرر، إضافةً إلى ساعات التقنين الطويلة، لتبقى معظم المناطق من دون كهرباء على مدار أيام، ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، مناطق قدسيا وجديدة عرطوز وعرطوز وقطنا وصحنايا وأشرفية صحنايا.
وقع المحظور
وما حدث في بلدة صحنايا منذ أسابيع أنموذج ماثل للعيان لاحتراق مركز من شدة الحمولات، والتسبب بأضرار مادية كبيرة في المحال التجارية المجاورة، إضافةً إلى خسائر تقدر بمئات الملايين، تكلفة للمركز المحروق والأكبال المستبدلة، علماً أن “البعث” كانت تناولت، قبل الحادثة بأيام قليلة، تقاعس وتقصير شركة كهرباء ريف دمشق، وحذرت من احتراق مراكز التحويل نتيجة الحمولات الزائدة في ظل عدم تزويد المدن والبلدات المتضررة بالمحولات المطلوبة، وذلك وسط تعنت المعنيين في الشركة ووزارة الكهرباء، وحالة اللامبالاة من المحافظة، ما أدى إلى الوقوع في المحظور في بلدة صحنايا، واحتراق مركز التحويل وعجز قسم الكهرباء عن فعل أي شيء، لا سيما أن المعنيين في القسم والبلدية طالبوا مراراً وتكرراً بمحولات إضافية، “لكن إصرار قسم التشغيل بشركة الكهرباء ومؤسسة النقل بالوزارة على ترحيل المشكلات من عام لعام أوصل الموضوع إلى هذا الحد، علماً أن القسم سطر كتبا إلى الشركة منذ العام الماضي تطالب بأكثر من محولة إضافية للبلدة من أجل تخفيف الضغط على المراكز”، حسب قول رئيس قسم كهرباء صحنايا، المهندس عمار أحمد.
وللحقيقة، ومنذ العام الماضي، نجد أن ثمة تقصّداً من قبل شركة كهرباء الريف، والمؤسسة العامة لنقل الكهرباء بالوزارة، لجهة غض الطرف عن واقع مراكز التحويل التي تشتعل يوماً بعد يوم نتيجة الحمولات الزائدة. ورغم الوعود الكثيرة من المعنيين بالحل على مدار عام إلا أنها تلاشت مع أشعة الشمس وحلول فصل الصيف ليأتي شتاء جديد يزيد المشكلة تعقيداً.
اعتراف بالعجز
وتعاني بلدة صحنايا، كبقية مدن وبلدات ريف دمشق، من واقع كهربائي سيء نتيجة التوسع العمراني الكبير على حساب شبكة الكهرباء القائمة، فيما المراكز القديمة، بالمقابل، من دون توسع بالمراكز والمحولات، وهو ما حصل في منطقة التوسع الجديد بالبلدة، إذ تم تحميل الأبنية الجديدة على مركز واحد تقدر استطاعته بـ 1600 kava حمل عليه أكثر من 1900، حسب كلام المعنيين في قسم كهرباء صحنايا الذين لم يخفوا عجزهم عن فعل شيء في ظل عدم وجود محولة أخرى للتخفيف عن المركز، مؤكدين استمرارية الانقطاع مع بقاء الوضع كما هو بدون محولات إضافية.
كلام المعنيين بالقسم لم يكن جديداً بل تحدثوا في الشتاء الماضي عن نفس المعاناة وأن المنطقة بحاجة لمحولة إضافية، لتمر سنة كاملة والمعنيون في شركة كهرباء الريف والوزارة لم يحركوا ساكناً رغم الوعود الكثيرة بتسليم القسم محولات لكن من دون جدوى، لتبقى المسألة كلاما في كلام!
مناشدات أهلية
وناشد أهالي منطقة توسع صحنايا المعنيين في وزارة الكهرباء بأن يجدوا لهم حلولاً سريعة مع الظلمة الدامسة التي يعيشونها في ظل انقطاعات تزيد عن 18 ساعة يوميا أحياناً، مشيرين إلى أنهم راجعوا المسؤولين أكثر من مرة ولكنهم لم يلقوا إلا المماطلة والحجج الواهية.
ومع هذا الواقع الصعب، قرر القسم التخفيف عن المخارج بقطع الكهرباء يوما كاملا من كل خمسة أيام عن جزء من المواطنين من أجل استمرار عمل المركز الذي لم يعد يحتمل الحمولات الزائدة، علماً أن الكهرباء في بقية الأيام الخمسة أساساً لا تأتي إلا نصف ساعة كل خمس ساعات.
ويوضح الأهالي معاناتهم مع العاملين في قسم الطوارئ، إذ أن أسلاك الشبكة المتقطعة بعد حدوث الاحتراق قد تشكل خطراً على المارة وخاصة الأطفال، لاسيما أن الشبكة قريبة من ملعب كرة القدم في البلدة، وهناك تجمعات كبيرة يومية للأطفال بالقرب من هناك، فالكابلات بقيت ثلاث أيام مرمية على الأرض من دون أي تجاوب من القسم رغم محاولة الاتصال بهم لأكثر من مرة.
تراخيص مخالفة
وحمل فنيون في قسم الكهرباء المحافظة مسؤولية هذا الواقع لاسيما من خلال إعطاء تراخيص لأبنية كبيرة من دون موافقة تنازل على محولات من قبل أصحابها أو المتعهدين، مؤكدين استمرار معاناة الأهالي وتفاقمها أكثر مع فصل الشتاء وتغذية الأبنية العمرانية الضخمة، علماً أن تغذية هذه الأبنية من المركز مخالفة للقوانين والأنظمة.
يجبر المكسورة”
وينطبق هنا على وزارة الكهرباء المثل العامي القائل “يرحم جدك كان يجبر المكسورة “، قيل له: “كان يجبرها قبل”.
فلو أن المعنيين بوزارة الكهرباء أدركوا خطورة الواقع في هذا الشتاء، من خلال تخصيص محولات إضافية للبلدة، لما وصلنا إلى هنا، ولما تكلفت الحكومة هذه الخسارات بمئات الملايين ونحن في وقت أحوج فيه للتوفير وترشيد النفقات.
وفي اتصال سابق معه، وعد وزير الكهرباء، المهندس غسان المزامل، بمتابعة الأمر وحل المشكلة جذرياً، فيما أكد مدير المؤسسة العامة لنقل الكهرباء، المهندس هيثم ميلع، أنه سيتم تخصيص المنطقة بمحولة عند وصول المحولات إلى الوزارة خلال 15 يوماً.
مدير للمسؤولين!
ومع مرور أكثر من شهر ونصف على الوعد، ينتقل الوضع من سيء إلى أسوأ، في ظل ازدياد البرد وزيادة الاستجرار وغياب المتابعة من شركة كهرباء الريف التي نستغرب بقاء هاتف مديرها، كشركة حساسة، خارج التغطية بشكل دائم منذ أشهر، ليصلنا من أحدهم بأنه “يضع ميزة”، ولديه رقم خاص للمعنيين والمسؤولين فقط.
أخيراً
بقي أن نشير إلى أنه في العام الماضي شاهدنا محولة تفي بالغرض في قسم صحنايا ورئيس القسم أبدى استعداده آنذاك لتركيبها والانتهاء من الأمر، لكن العرقلة جاءت من مدير التشغيل الذي طلب وضعها بالمستودع لحين إحداث مركز في داريا، في وقت علمنا بأن المركز الذي يتحدث عنه مدير التشغيل قد يستغرق سنة أو أكثر.!!