مجلة البعث الأسبوعية

حل مناطق المخالفات بالقانون 23.. لكن لماذا التباطؤ في التنفيذ؟ ولمصلحة من؟

البعث الأسبوعية – وائل علي

صحيح أن هناك جهوداً تبذل للخروج من عنق زجاجة مسميات ما يعرف بمناطق المخالفات والعشوائيات التي بدات تتشكل منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي لتحيط بمدينة طرطوس كالسوار في المعصم والطوق في عنق المدينة الجميلة من الشرق والجنوب والشمال ولم يبق إلا البحر أمامهم ولو أمكن لما تردد المخالفون وداعموهم من فعلها وتبليطه.. لكنه البحر!!

المخالفات كبرت

لقد كبرت المخالفات وطالت واستطالت حتى صارت أمراً واقعاً بفعل مجموعة أمور موضوعية “ربما”، لكن الباقي قامت مئة بالمئة بفعل التجاوزات والتطنيش  مقابل منافع مادية ساطعة ورشىً مالية مقبوضة مسبقاً كان يتم الاتفاق عليها بالتعاون مابين متعهدي ومعلمي البيتون وموظفي البلدية المكلفين بمكافحة المخالفات ومحاربتها على مبدأ “حاميها حراميها”..!؟

ضواح مخالفة…

تحولت المخالفات إلى ضواحٍ يسكنها ما لايقل عن مئة ألف إنسان وربما أكثر قدموا إليها واستوطنوها من داخل المحافظة وأريافها وخارجها حتى باتت تشكل تحديا خدماتيا رهيبا يقض مضجع مجلس المدينة ويستنزف قواه ومقدراته بلا طائل ولا جدوى وبذات الوقت دخول أبناء هذه الضواحي بمماحكات يومية مع البلدية وكوادرها حتى أصبحوا ورقة ضغط وقضية رأي عام يطالب بإيجاد المعالجات والحلول للأمر الواقع القائم…

ما الحل؟ 

الحل كما يقول حسان نديم حسن مدير الشؤون الفنية بمجلس مدينة طرطوس كان بصدور القانون رقم /٢٣/ بتاريخ ٢٠١٥/٨/١٢ الخاص بتنفيذ التخطيط وعمران المدن الذي نصت المادة السادسة الفقرة/أ/ على أنه يتوجب على الجهة الإدارية خلال ستة أشهر من صدور القانون تحديد المناطق التي يطبق عليها التنظيم على مخططها التنظيمي المصدق وفق أحكام المادة /٥/ ويصدق المخطط في الوحدات الإدارية بقرار من المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة بناء على اقتراح المجلس

وبناءً عليه، كما يقول حسن، صدر قرار مجلس مدينة طرطوس رقم /٤٥/ تاريخ ٢٠١٦/٣/٨ بالموافقة على إخضاع مناطق التوسع المصدقة للتنظيم وفق أحكام القانون رقم /٢٣/ لعام ٢٠١٥ ، وقرار مجلس مدينة طرطوس رقم /٦٧/ تاريخ ٢٠١٦/٥/١١ بإخضاع العقارات الواقعة خارج مناطق المخالفات الجماعية للتنظيم وفق القانون /٢٣/  لعام ٢٠١٥ .

وقد بلغت مساحة مناطق السكن العشوائي “المخالفات الجماعية” في مدينة طرطوس المصدق تنظيمها بالقرار الوزاري رقم /١٦٥٤/ق تاريخ ٢٠٠٨/٧/٩ وفق مدير الفنية بحدود ٣٩٨ هكتار تتوزع فيما يعرف بأحياء وادي الشاطر – رأس الشغري– الرادار – أبو عفصة – روم الذهب ، حيث تم تقسيم منطقة التوسع الجنوبي “مناطق المخالفات الجماعية” ومناطق التوسع الشمالي في المدينة المصدق تنظيمها إلى /١٤/ منطقة تنظيمية بمساحة إجمالية مقدارها /٧٠٠/ هكتار تقريباً يتم دراستها لتكون نسب الاقتطاع متساوية ما أمكن حسب الفقرة /أ/ من المادة /٤/ من القانون /٢٣/ السابق الذكر ودراستها وحساب مساحات البلوكات التنظيمية ضمنها لاختيار الحل الأمثل.

ولأن إحداث المنطقة التنظيمية يجب أن يحوي مخططا مساحيا يبين الوضع الراهن للمنطقة منظماً وفق دفتر شروط فنية يوضع لهذه الغاية معتمداً من مديرية المصالح العقارية ، تم وضع دفتر الشروط والمواصفات الفنية لإعداد المخططات المساحية للمناطق الخاضعة للتنظيم وفقاً لأحكام القانون ٢٣ وتعليماته التنفيذية تم التعاقد مع المؤسسة العامة للدراسات والاستشارات الفنية “فرع المنطقة الوسطى” بالعقد رقم /١٩/ لعام ٢٠١٨ لإعداد مخططات الرفع الطبوغرافي المساحي للمناطق المذكورة تمهيداً لاستصدار المراسيم الخاصة بها،  كونها نفس الشركة التي قامت بأعمال الرفع الطبوغرافي لهذه المناطق أثناء إعداد المخطط التنظيمي ولديها الخبرة الكافية للقيام بهذه الأعمال بالسرعة المطلوبة وأعطيت الشركة أمر المباشرة بتاريخ ٢٠١٨/٩/١٩ وبلغت مدة إنجاز العقد المبرم سنة ميلادية واحدة.

لكن…

بعد استلام أعمال المرحلة الأولى كما يقول مدير الشؤون الفنية حصل تأخير كبير بتسليم المرحلة الثانية بسبب أزمة فيروس كورونا.

وبسبب التأخير الحاصل من قبل شركة الدراسات – فرع المنطقة الوسطى بتسليم أعمال المرحلة الثانية إلى اللجان المختصة لتدقيقها تمهيداً للاستلام النهائي، تم عقد العديد من الاجتماعات بين المعنيين في المدينة وشركة الدراسات – فرع المنطقة الوسطى وتوجيه عدد كبير من المراسلات للجهات المعنية من أجل الطلب من الشركة الإسراع بأعمال تسليم المرحلة الثانية وخصوصاً بعد أن تم تسليم العديد من النسخ الرقمية والورقية المبدئية التي تم تدقيقها من قبل اللجنة المختصة ووضع العديد من الملاحظات لتلافيها ولأهميتها نلخصها بغياب نقاط التسوية “المناسيب” عن قسم كبير من مناطق المشروع ، ووجود نقص في مسح بعض الأبنية والطرقات (تم الإشارة لها بوجود فنيي الشركة العاملين في المنطقة وذلك خلال اجتماعهم مع دائرة التخطيط العمراني لدينا ، وعدم تنزيل المراصد المساعدة في عملية المسح مع إحداثياتها كما تم الاتفاق عليه في المراحل الأولى للمشروع، ولوحظ عدم تنسيق في فرز طبقات المشروع مع تسمياتها.

وفي بداية الشهر التاسع من العام الماضي تم تسليم نسخة رقمية شبه نهائية من قبل شركة الدراسات وتدقيقها من قبل لجنة الإشراف بالمواكبة مع تعديل المخططات من قبل عناصر شركة الدراسات .

أخيراً…

وبعد انتهاء أعمال التدقيق على أرض الواقع تم تسليم الملاحظات النهائية لاستدراكها وتسليم النسخة النهائية قبل نهاية العام ٢٠٢٢. إلا أن أزمة المحروقات في أواخر العام ٢٠٢٢ إضافة إلى الزلازل التي عصفت بمنطقتنا الساحلية بداية العام ٢٠٢٣ كما يقول المدير الفني للمدينة أدى إلى حصول تأخير في تسليم النسخة لنهائية من قبل الشركة.

وتم مخاطبة وزارة الأشغال العامة والإسكان بتاريخ 30/5/2023 عن طريق السيد محافظ طرطوس للطلب من الشركة العامة للدراسات الهندسية – فرع المنطقة الوسطى الإسراع بتسليم الأعمال المطلوبة لما لهذا الموضوع من أهمية اجتماعية بالغة للمدينة والمواطنين ولما يشكله تأخير هذه الأعمال من أعباء مادية وقانونية واجتماعية على المدينة.

مؤخراً تم تباعاً وعلى عدة مراحل تسليم مخططات رقمية من قبل الشركة يتم تدقيقها حالياً للتأكد من خلوها من الملاحظات ليتم فوراً استكمال أعمال الاستلام للمرحلة الثانية من العقد والبدء بتطبيق إجراءات القانون ٢٣ لعام ٢٠١٥ وإعداد أضابير مناطق تنظيمية والنظر بإصدار مراسيمها التنظيمية وهذا بطبيعة الحال سيطوي صفحة العشوائيات لكن جل ما نخشاه أن يعيد التاريخ نفسه تستولد فيه مناطق مخالفات وعشوائيات جديدة على غرار سيناريو ما جرى، وهكذا، وليذهب التنظيم ومنظميه إلى الجحيم!