اصطفاف شكلي!!

حسن النابلسي 

إن تصنيف الحكومة لقرض الـ 400 ألف ليرة للعاملين في الدولة والمتقاعدين كـ “منحة”، كونه بلا فائدة، ما هو إلا محاولة لإضفاء صبغة من الاصطفاف الشكلي مع الموظف، فهي تدرك سلفاً – كما يبدو – أن أغلب الموظفين لن يقدموا على هذا القرض، لاعتبارات تتعلق أولاً بضعف قيمة هذا القرض مقارنة مع ما يتطلبه الحصول عليه من إجراءات روتينية ربما تتطلب رسوماً ومصاريف نقل وغيرها قد تعادل نصفه، وثانيها إلزام الموظف نفسه بدين لن بحل له أية مشكلة معيشية، وكان الأجدى أن تكون قيمة هذا القرض 5 مليون ليرة على الأقل، كي تتم الاستفادة منه على أكثر من صعيد!

لم تمض ساعات قليلة على صدور “منحة الحكومة”، حتى هبط قرار رفع البنزين والمازوت على رؤوس المواطنين الذين يعانون الأمرّين، وكأن هذه الحكومة غير معنية بأية حسابات لما ستؤول إليه الأمور لاحقاً، وتحديداً على الصعيد الإنتاجي!

ولاشك أن “القرض” و”رفع أسعار المحروقات” لا يخرجان عن سياق سياسة الحكومة بمجارية التضخم، فالأول استهلاكي بحت ولا يسد الرمق في حال كان هناك إقبال عليه، والثاني يحد من الإنتاج ولا يعزز قيمة الليرة ويرفع معدلات التضخم!

ولو كانت الحكومة جادة بدعم الإنتاج فعليها البدء من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فهي الرافع الحقيقي للتنمية في بلد مثل سورية، ولعلّ الخيبة سرعان ما تصيبنا – في هذا السياق – إذا ما علمنا أن حصة هذه المشروعات من إجمالي التمويل في سورية لا تتعدى الـ 3.8%، وهي نسبة ضئيلة جداً، إذا ما قورنت ببعض البلدان التي تكون فيها النسبة بالحد الأدنى 15% وترتفع في بلدان أخرى لتصل إلى 30%.. هذا فضلاً عما يعانيه القطاع الزراعي من تقهقر ملحوظ زاد من بلّته قرار رفع أسعار الأسمدة مؤخراً!

هذه المرحلة أيها السادة.. لم تعد تحتمل أية قرارات غير مدروسة، وكل قرار يصدر بشكل عشوائي سيكون ضربة جديدة لاقتصاد متعب بالأصل!

hasanla@yahoo.com