مع تعدد الأولويات.. واقع اللاذقية الخدمي لا يرتقي لهواها البحري
اللاذقية ــ مروان حويجة
كثيرة هي التحديات الخدمية والبيئية والجمالية التي تواجه مدينة اللاذقية التي فقدت الكثير من معالمها وملامحها كمدينة بحرية سياحية جراء ما شهدته على مدى سنوات طويلة من إهمال وتقصير وشحّ في الخدمات الأساسية والتحسينات الجمالية. وتلك حقيقة يتداولها ويقرّ بها أبناء المدينة قبل غيرهم من زائريها وضيوفها. ولكي لا يسارع البعض إلى استحضار “شمّاعة الحرب والأزمة” لتبرير هذا التقصير والالتفاف عليه، فإنّ مدينة اللاذقية – لأخذ العلم – متعثّرة خدمياً منذ سنوات ما قبل الحرب التي جاءت، هي الأخرى، لتكرّس هذا الواقع المتردي الذي يتراءى في مشاهد عديدة، منها الشوارع التي تعجّ بالحفر والمكبات العشوائية والسكن العشوائي وتأخر تجهيز توسّع المنطقة الصناعية وحماية المدينة القديمة واختناقات التصريف الصحي والمطري وانحسار الواجهة البحرية والمخطط التنظيمي باعتراضاته الكثيرة وعدم وجود سوق صحية أنموذجية للسمك وتنظيم الأسواق الشعبية ونظافتها، وغيرها الكثير من الاحتياجات الخدمية التي لم تلقَ الاهتمام الذي يرتقي إلى الطابع السياحي للمدينة.
النظافة أولاً
ويؤكد مواطنون على ضرورة التركيز على أولويات قبل غيرها، معتبرين أن نظافة المدينة ينبغي أن تتقدم على غيرها من الأولويات لجهة تكثيف عمليات الترحيل المتواتر للقمامة وتفريغ الحاويات، ولاسيما في ظلّ ما يجري تداوله بشأن تسبّب النفايات الورقية والبلاستيكية في حدث اختناقات مطرية، والأهم من ذلك أيضاً الحفاظ على السلامة البيئية والصحية، وأيضاً الالتفاف إلى صيانة الشوارع والطرقات والأرصفة والصيانات الضرورية.
الأسواق الشعبية
ويرى البعض الآخر أنّ الأسواق الشعبية وتنظيمها ينبغي أن يكون أولوية، كسوق أوغاريت الذي يحتاج إلى إعادة تأهيل شامل بيئياً وتنظيمياً وصحياً، ناهيك عن الترتيب والتنسيق والبنى التحتية. وأمّا سوق السمك التي تفتقر للمواصفات المطلوبة فمن حقّ مدينة اللاذقية أن يكون لديها سوق أنموذجية للسمك ومرافق عامة منظّمة، والاهتمام بمداخل المدينة وكراجات الانطلاق وتنظيم عمل المحال والمهن وإزالة إشغالات الأرصفة والاهتمام المكثّف والمركّز بنظافة الشوارع والأحياء والساحات العامة، وبما يدعم تحسين واقع مدينة اللاذقية خدمياً وتنموياً وجمالياً. ويرى آخرون أنّ القانون المالي الجديد لمجالس الإدارة المحلية بات يتيح لهم الحصول على إيرادات جديدة وهذه الإيرادات يمكن توظيفها في خدمات ومشروعات خدمية تحتاجها المدينة وتنتظرها بما يتصل بالبنى التحتية الخدمية أولاً والناحية الجمالية تالياً ولكن وفق أولويات خدمية متدرجة حسب الأهمية.
تحسين الصرف الصحي
رئيس مجلس المدينة، المهندس حسين زنجرلي، أوضح أنّ هناك الكثير من القضايا والجوانب الخدمية التي تشكّل أولويات مطروحة أمام مجلس المدينة لأجل تحسين الواقع الخدمي سواء على صعيد الإجراءات أم على مستوى المشروعات، مشيراً إلى أنّ الاهتمام ينصبّ حالياً على شبكة الصرف الصحي للمدينة من خلال أعمال الصيانة التي تجريها الشركة العامة للصرف الصحي في اللاذقية لتحسين المنظومة وقيام مديريات مجلس المدينة بتقديم المؤازرة من خلال ورشات الصيانة حيث يتم تنفيذ أعمال صيانة وتنظيف للفوهات المطرية، ولفت إلى أنّه بالنسبة للخدمات التي يجري تقديمها لأحياء المدينة وضواحيها وساحاتها.
وأكّد زنجرلي أنّه بهدف تحسين الواقع الخدمي للمدينة وزيادة الخدمات فيها فقد استنفر مجلس المدينة جميع الورشات التابعة لمديرياته من نظافة وصيانة وخدمات وتقرّر وضعها في حالة جاهزية دائمة على مدار اليوم وتوزيعها وتوسيع انتشارها في جميع أرجاء المدينة، والعمل بالطاقة القصوى بصرف النظر عن ساعات دوام محددة بهدف تلبية ما يمكن تلبيته من خدمات لأحياء المدينة.
الهوى بحري
وحول واقع الواجهة البحرية للمدينة بيّن زنجرلي أن تحسين الواجهة البحرية أيضاً أولوية لمجلس المدينة، وهناك إجراءات في هذا الاتجاه يتم العمل عليها في الكورنيشين الغربي والجنوبي للمدينة، وتستهدف واقعها الجمالي والبيئي وهناك تعاون وتشبيك مع فعاليات ومؤسسات ومنها الأمانة السورية للتنمية ومديرية السياحة، مشيراً إلى إطلاق مبادرة “هوى بحري”، وهي مبادرة مجتمعية تجعل كورنيش اللاذقية مساحة صديقة لروّاده بما يراعي المظهر الجمالي للواجهة البحرية من خلال تصميم مقاعد مزوّدة بألواح طاقة شمسية لإنارة المكان مع وجود مآخذ لشحن الهواتف النقالة بضمنها، كما تم تخصيص مساحة ضمن المقعد لذوي الإعاقة، إضافة لتركيب رومبات لتسهيل حركتهم مع وجود أماكن خاصة لوقوف الدراجات الهوائية والاعتماد على الطاقة المتجددة التي يمكن أن تساهم في التقليل من الآثار الضارة على البيئة؛ كما جاءت بعد تقييم احتياجات المجتمع المحلي ومن خلال نهج تشاركي.
عمال جدد
وحول إجراءات مجلس المدينة لإجراء التحسين الأهم والأكثر إلحاحاً من أبناء المدينة والمتمثل في قطاع النظافة فقد أكّد زنجرلي أن قطاع النظافة على رأس أولويات الاهتمام في ضوء الحرص الكبير على تحقيق تحسّن ملحوظ في خدمات النظافة، ولاسيما أنّ هذا القطاع يشغل حيّزاً مهماً من المتابعة اليومية، مبيّناً أنّه خلال الشهر القادم هناك مائة عامل نظافة جدد سيتم رفد هذا القطاع بهم من خلال مباشرتهم في مديرية النظافة وذلك المسعى الدائم والمؤتمرات لزيادة وتوسيع طاقة عمل مديرية النظافة، لافتاً إلى أنّ تعيين العمال الجدد في قطاع النظافة يأتي من خلال المسابقة المركزبة لوزارة التنمية الإدارية بما ينعكس إيجاباً على تكثيف أعمال النظافة في مختلف أحياء وضواحي المدينة وبما يؤدي إلى تحسين واقع النظافة فيها بالتوازي مع تكثيف عمليات الترحيل والتفريغ على مدار الساعة بشكل دوري متناوب من خلال ٤٢ سيارة ضاغطة لنقل القمامة.
خطة مجلس المدينة
وأكّد زنجرلي أن خطة عمل مجلس المدينة تستهدف الجانب الخدمي كأولوية وبالتوازي أيضاً مع المظهر لإبراز جمالية وصورة المدينة وهذا يتحقق أيضاً من خلال المشروعات الخدمية نفسها كما في مشروع تأهيل الكورنيش الغربي والكورنيش الجنوبي ومدخل المدينة وصيانة الحدائق والإنارة ومشروعات تعبيد ودهان وصيانة وغيرها من مشروعات خدمية تنعكس على واقع المدينة الخدمي ومظهرها الجمالي.
وحول واقع الأسواق فقد أكّد المهندس زنجرلي أن هذا الجانب المهم محور اهتمام ومتابعة ميدانية على أرض الواقع من خلال العمل على إعادة تأهيل وتنظيم الأسواق الشعبية في المدينة ودراسة إنشاء أسواق جديدة ضمن خطة تهدف إلى التوسع بهذه الأسواق في مختلف مناطق المدينة.