صحيفة البعثمحليات

ذاكرة مدينة…؟!

وائل علي

لم ينته بعد شوق وصبر أبناء وسكان حيّ الرمل الأوسط الشعبي القديم المكتظ في طرطوس لتكتحل عيونهم برؤية وارتياد حديقة المجاهد الشيخ صالح العلي التي انتظروا إخلاء شاغليها منذ عقود طويلة، والسبب، ببساطة شديدة، عدم توفر الاعتمادات المالية بالدرجة الأولى، وغياب الرؤية التطويرية والتصورات النهائية لدى مجلس مدينة طرطوس، مالك المكان، لهذه الحديقة “المُتْحَفِّية”، إن صح التعبير، وتوظيف ما يمكن توظيفه مما بقي من الأبنية التاريخية والطرقات والأرصفة وأشجار الكينا المعمرة “الشاهدة” على فصول مهمة من عهد “الانتداب” الفرنسي على سورية، وما تلاه من أحداث بما فيها الجلاء والاستقلال، وما يجب إزالته والتخلص منه.

ما يعنيه ذلك هو المزيد من الوقت والانتظار لإنجاز مشروعٍ له ما له من خصوصية ورمزية في قلوب وذاكرة ووجدان الناس، وربما لا يزال هناك من عايش وشهد جنود المستعمر الفرنسي في الموقع ذاته الذي شغله كثكنة عسكرية، ومدلولات تحويل الثكنة الفرنسية لتكون ثكنة لجيشنا العربي السوري تحمل اسم بطل الاستقلال الكبير، الشيخ صالح العلي.

من هنا أهمية أن نعرف كيف نوظف موقع الحديقة الاستثنائي، ولا بأس من الاستعانة بمن عاصروا تلك الحقبة -إن وجدوا- والاستئناس بذاكرتهم، وإشراك المجتمع الأهلي المحلي من فنانين تشكيليين ومعماريين ورجال فكر وعلم وثقافة وفلسفة وأدب وفن وموسيقا وأساتذة تاريخ ومحاربين وضباط قدامى، من خلال لجنة تعمل عليها محافظة طرطوس ومجلس المدينة ووزارتا الثقافة والإدارة المحلية لوضع تصورات وأفكار وخطط لاستثمار كل التفاصيل وتوظيفها لتكون رحلة حاضرةً في ذاكرة الأجيال.

وهذا لن يكون إلا في حال إدراك مجلس مدينة طرطوس أهمية الكنز التاريخي الكبير الذي بين يديه، وخصوصيته التي تتجاوز أن يكون مشروعاً لحديقة وحسب، بل مشروعاً يحتضن ذاكرة مدينة ووطن.

Alfenek1961@yahoo.com