ثقافةصحيفة البعث

المايسترو فادي بن عثمان.. تواصل روحي كبير مع الموسيقيين السوريين

ملده شويكاني

اختار المايسترو التونسي د. فادي بن عثمان مقطوعتين لموزارت وهايدن في الأمسية التي قاد فيها الفرقة السيمفونية الوطنية السورية في دار الأوبرا.

فقدّم كونشيرتو لآلة البيانو – والأوركسترا رقم 20 سلم ري مينور كوخل 466 للمؤلف موزارت الذي ألّف أجمل الأوبرات، بمشاركة عازفة البيانو نور كويفاتي، فتألقت بالتداخل اللحني بين البيانو والفرقة في العزف المنفرد في مواضع، ومع مرافقة الفرقة، إذ أخذ البيانو الدور الرئيسي ومضى التشابك اللحني بدور الباصون والفلوت المميز في مواضع صغيرة مع المسار اللحني للوتريات وآلات الفرقة التي اقتصرت على جزء من النحاسيات والإيقاعيات.

وقد تخلّلت الكونشيرتو انتقالات لحنية ووقفات أظهرت من خلالها كويفاتي تقنيات الآلة والأداء، ولاسيما في العزف المنفرد.

ومضات رومانسية

تألف الكونشيرتو من ثلاث حركات، بدأت بالحيوية مع تشكيلة الفرقة وضربات التيمباني والتناغم حيناً بين الباصون والبيانو، ليأخذ البيانو دوره بالعزف المنفرد ومن ثم مع الوتريات والفرقة بتصاعد لحني، وبدت الحركة الثانية –رومانس- أكثر جمالية بعزف البيانو مع مرافقة الوتريات بصوت خافت ومن ثم تشكيلة الفرقة، أما الحركة الثالثة السريعة جداً فحملت تغييرات لحنية بسرعة العزف على البيانو والوقفات ودور الفلوت، وتميزت بالقفلة الجماعية مع ضربات التيمباني.

التشيللو والفرقة

وضمن مقام المينور أيضاً بدرجة مختلفة، اختار بن عثمان سيمفونية رقم 95 سلم دو مينور للمؤلف هايدن الذي لُقب بأب السيمفونية، وبدا اللحن مختلفاً عن الكونشيرتو من حيث الزخم الموسيقي، وتميزت بدور التشيللو في مواضع، تألفت من أربع حركات، فبدأت بحركة حيوية باعتدال بدور الهورن والترومبيت مع تشكيلة الفرقة ليمضي اللحن مع الوتريات وضربات التيمباني، تبعتها الحركة البطيئة، فبدأت بصولو صغير للتشيللو ثم أضفى جمالية على الأمسية بحوارية بين الوتريات والتشيللو، ثم الحركة الثالثة -مينويه- مقطوعة صغيرة- لتختتم بحركة حيوية جداً وبتصاعد لحني وضربات قوية للتيمباني.

روابط عائلية بسورية

وقد تفاعل جمهور الأوبرا مع المايسترو فادي بن عثمان قائد الأوركسترا والمؤلف والموزع الموسيقي ومدير الأكاديمية الموسيقية للأوركسترا السيمفونية التونسية والجوقة البوليفونية، والذي يقوم بمشروعات موسيقية عدة، إضافة إلى مشروعه الخاص بنظم الشعر باللغة الفرنسية.

وتحدث بن عثمان لـ “البعث” عن عشقه لسورية ولاسيما أن والدته سورية، وتربطه بسورية مشاعر وجدانية وهو متمكن من اللهجة السورية، وعن جمالية أحياء دمشق القديمة وخاصة باب توما، وعن تجوله بحاراتها القديمة، وأبدى إعجابه بطرازها المعماري الفني وبجمالية أسواقها وخاصة سوق الحميدية، ورأى أنه يكتشف دمشق للمرة الأولى بعد زيارته السابقة لها منذ خمسة وعشرين عاماً خلت، فوجد تقارباً كبيراً بين سورية وتونس، كما أشاد بالطراز المعماري لدار الأوبرا وخاصة الصالات.

تقارب موسيقي

أما عن أهمية قيادة الفرقة السيمفونية الوطنية السورية بالنسبة إليه، فقال إنه شعر بتواصل روحي كبير بينه وبين الموسيقيين السوريين، وأعجب بخبرة المايسترو ميساك باغبودريان الذي تعرّف إليه عن قرب للمرة الأولى من خلال علاقة الصداقة التي تربطه بالدكتور نبيل الأسود، ليخلص إلى وجود تقارب بين السيمفونية التونسية والسورية من حيث المستوى الموسيقي.

وتوقف عند خطة الفرقة السيمفونية التونسية باستضافة ضيوف من دول عدة، ونشاطها الدوري بتقديم أمسية في كلّ شهر بالتركيز على الأعمال الكلاسيكية والمعاصرة.

نظم الشعر بالفرنسية

ووصف مشروعه الشعري “عطر الياسمين” بأنه ضمّ مجموعة من الشعراء التونسيين المعاصرين الهواة باللهجة التونسية، إلى جانب نص للشاعر التونسي الكبير أبو قاسم الشابي، والشاعر نزار قباني، كما ضم ثلاثة نصوص له باللغة الفرنسية.

وسيتابع بن عثمان مشروعاته الحالية بقيادة الأوركسترا السيمفونية التونسية بحفل في اليوم الأول من العام القادم، ويستكمل التحضيرات لعمل صوفي للأوركسترا والجوقة لنصوص صوفية قديمة، وقد ألّف مقطوعة خاصة لهذا العمل الذي يضاهي بعمقه مشروع عطر الياسمين، ومن المتوقع أن يسجل بألبوم.

وأنهى حديثه بتوجيه رسالة حب من دار الأوبرا، يعرب من خلالها عن محبته لسورية وسعادته بزيارتها متمنياً لقاء الجمهور السوري في فرص قادمة.