معتقدات العبادة عند التدمريين القدماء
حمص – البعث
ضمن نشاطات الجمعية العلمية التاريخية في حمص، ألقى الباحث الدكتور خليل الحريري أمين متحف تدمر سابقاً محاضرة بعنوان “معتقدات العبادة عند التدمريين القدماء” في مطرانية السريان الكاثوليك وسط حمص القديمة.
وتحدث الحريري عن علاقة الإنسان التدمري بالدين، حيث كان ينظر إلى كلّ ما وجد من حوله في الطبيعة على أنه مقدّس ويرتبط بأرواح خفية، وكانت تشغله تساؤلات حول الوجود وقوانينه والكون وتكوينه وبدايته ونهايته، وعندما عجز عن التفسير أخذ يجسّد أفكاره بكائنات حيّة في ثوب رمزي عبّر عنها بآلهة لها أشكال بشرية وصفات متعدّدة، فكان الإله الرئيسي (بل) الذي نتج عنه آلهة كثر مساعدة له أمثال الإله يرحبول إله الشمس عند التدمريين، والإله عجليبول إله القمر، والإله يلجمون والإله نبو والإله يلحمون والإله المجهول، وكثير من الأسماء التي قاربت 70 إلى 80 آلهة كحدّ أدنى، بالإضافة إلى الآلهة المحلية والعربية فقد اختلطت أسماء الآلهة وصفاتها ومميزاتها بحكم اختلاط التدمريين بالشعوب الاخرى عن طريق القوافل التجارية.
وتناول الحريري طقوس العبادة التي ترتبط بالأساطير وحكاياتها، وتربع الإله بل على عرش الآلهة، منها موكب الطواف الذي يعتبر من أبرز عادات التدمريين القدماء ويتمّ فيه تنزيل تمثال بل ضمن موكب كبير ويطوفون به 7 مرات حول معبد بل، وبعدها تقدّم الأضحية وهي للتقرب من الآلهة أو إطفاء غضب الرب، ثم يقدم البخور وبعدها تقام الوليمة الدينية بغرفة الولائم بعد استلام بطاقات دعوة خصيصاً لهم. وهناك الكهنوت: هم الكهنة القائمين على موائد الولائم والإشراف على المعبد.
وقد تجسّد إيمان التدمريين بالحياة الأبدية في كثرة المدافن والاهتمام بها وبطقوس الدفن بشكل كبير، فهي أكثر أهمية من الحياة الدنيا والطقوس والشعائر الدينية.
رئيسةُ الجمعية العلمية التاريخية، فرع حمص، الدكتورة فيروز يوسف، قالت: إن محاولة الإنسان التدمري الكشف عن حقيقة تلك الحياة الغامضة التي تلفه بصحراء شاسعة هي نقطة مضيئة في تاريخه، فالكواكب والنجوم في السماء التي أثارت حركتها في الفلك من شرق وغرب وتغيير شكل القمر من حالة الإكمال (البدر) إلى النقصان (مراحل القمر) خوفه وقلقه، فأخذ يراقبها باهتمام متزايد ويتابع حركتها في الليل والنهار، ثم الأمطار والجفاف والترقب بين خوف وقوة، وإلى هذا فقد عرفت تدمر قبل الديانات السماوية أشكالاً متعدّدة للديانات والتي نشأت دون شك بفعل البيئة الصحراوية التي عاشوا فيها، وألزمتهم الاهتمام بمراقبة كلّ ما يجري للاهتداء والطمأنينة في حلّهم وترحالهم، وهذا الاهتمام انسحب على تصرفاتهم اليومية مما دعاهم إلى التسليم بمعتقدات أثرت في مجريات حياتهم، لهذا قدّسوها رغبة فيها وخشية منها، من هنا، تأتي هذه المحاضرة التي اتبع فيها الباحث المنهج الوصفي والتجريبي الذي عايشه في عمله البحثي ضمن آثار تدمر.