الاتحاد العام لنقابات العمال: الاقتصاد الوطني يمر بأزمة حادة لا يمكن تجاوزها إلا بعد الانتهاء من هذه الحرب واستئناف تصدير النفط والغاز
دمشق – بشير فرزان
أشار التقرير الاقتصادي لمجلس الاتحاد العام لنقابات العمال في دورته الثامنة الذي انعقد منذ يومين، إلى أن الاقتصاد الوطني يمر بأزمة حادة للغاية ولا يمكن تجاوزها إلا بعد الانتهاء من هذه الحرب واستئناف تصدير النفط والغاز وتوريد الموارد المالية العامة إلى البنك المركزي ووقف كل أشكال العبث والفساد والنهب للموارد العامة والخاصة، لافتاً إلى ضرورة قيام الحكومة بدورها في تقديم الخدمات العامة للسكان وغيرها من الإجراءات التي تعيد عجلة التنمية الاقتصادية إلى وضعها الطبيعي، إضافة إلى إعطاء دور مهم للقطاع الخاص من خلال إعادة هيكلة التشريعات وتحسين بيئة الاستثمار لجذب الاستثمارات.
وبيّن التقرير أن القطاع الزراعي الذي تعرض للضرر كان سبباً مهماً لارتفاع أسعار السلع الزراعية بشكل كبير نتيجة نقص الإنتاج وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج بالإضافة إلى ارتفاع كلفة النقل والتأمين وارتفاع تكاليف المستوردات بشكل كبير وبالتالي أدّى ذلك إلى حدوث فجوة بين الإنتاج المحلي والحاجات الغذائية الداخلية التي تم سدّها عن طريق زيادة المستوردات من أجل تأمين السلع الزراعية، حيث أعطت الحكومة الأولوية لتأمين السلع الزراعية الرئيسة كالقمح والرز والسكر والدقيق، لأهميتها كمحاصيل استراتيجية تؤثر في الأمن الغذائي للبلاد.
وأشار التقرير إلى أن ذلك أثر أيضاً في تراجع الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني إضافة لخروج معظم المساحات الزراعية في الأرياف عن عملها وإنتاجها وتعرّض القطاع الزراعي لانتكاسات كبيرة، سواء على صعيد الإنتاج أم على صعيد صادراته، وكانت أهم المشكلات التي عانى منها هذا القطاع هي النقص الشديد في مستلزمات الإنتاج الأساسية كالبذار والأسمدة والمبيدات الحشرية والمحروقات، وذلك بسبب الحصار الاقتصادي وانعدام الخدمات الزراعية المقدمة في أغلبية المناطق الريفية في البلاد .
وفيما يخص القطاع الصناعي أوضح التقرير أنه من القطاعات المميزة والرائدة في الاقتصاد السوري. ففي سنوات قبل الحر.ب حقق نمواً وازدهاراً ملحوظاً في كميات الإنتاج ونوعيته وجودته الذي نافست به سورية صناعات دول كثيرة وباتت هذه المنتجات مطلوبة في الكثير من البلدان، حيث شكل القطاع الصناعي بشقيه العام والخاص مانسبته 60% من الناتج المحلي الإجمالي، لكن خلال سنوات الحرب تراجع القطاع الصناعي تراجعاً ملحوظاً حيث أدّى طول أمد الحرب الظلامية في سورية إلى عمليات إغلاقٍ وإفلاسٍ على نطاقٍ واسع مترافقةً مع تخريبٍ كبيرٍ طال الشركات والبنية التحتية نتيجة للأعمال الإرهابية المقصودة وتنامي أعمال النهب والسلب إلى جانب الصعوبة في تأمين المواد الأولية للكثير من الصناعات وكذلك المحروقات مع ارتفاع أسعارها تزامناً مع انقطاع التيار الكهربائي نتيجة التخريب وضعف الإمداد بالغاز والفيول وتراجع قيمة الليرة السورية مقابل أسعار الصرف وما يحمله هذا الأمر من زيادة لأسعار المستوردات اللازمة للقطاع الصناعي فضلاً عن تراجع قيمة الأرباح المرجوة من الصادرات السورية نتيجة هذا الانخفاض..كما أن العقوبات الاقتصادية الظالمة، أثرت على الاقتصاد والمجتمع السوري سلباً على المديين المتوسط والطويل، إلا أن مدى وعمق هذه الآثار السلبية مازال محدوداً بالقدر الذي سيتم فيه تفعيل القدرة الإنتاجية السلعية الحقيقية للاقتصاد السوري من جهة وإيجاد الأسواق البديلة للصادرات والواردات من جهة أخرى.
ولفت التقرير إلى تراجع العائدات النفطية وسيطرة مجموعات قسد الانفصالية على عدد من آبار النفط السورية واستغلالها لها كمورد مالي لتأمين السلاح والدعم لها مع التسهيلات التي تنالها هذه المجموعات عبر الحدود لتأمين الأسواق لتسويق النفط السوري. وأضاف أن قطّاع الصناعة الاستخراجية تعرّض لأضرارٍ هائلةٍ خلال الأزمة، ليس بسبب الأعمال الإرهابية الذي أدّى إلى تدمير البنى التحتية وحسب، بل جرّاء نظام العقوبات الذي فرضته الدول المتآمرة على سوريا منذ العام 2011 على تمويل واستيراد وتصدير المواد الخامّ والسلع في هذا القطّاع.
وأكد التقرير أن ارتفاع الأسعار هو الصيغة الوحيدة التي تجتمع عليها كافة الأسواق فلم تبق مادّةٌ غذائيةٌ أو غير غذائيةٍ إلا وطالها ارتفاع الأسعار على مدّ المحافظات السورية جميعاً، زادتها قرارات الحكومة بعقلنة الدعم ورفع أسعار المواد التموينية مثل الخبز والرز والسكر والطاقة وبين أن من الأسباب التي أدت لارتفاع الأسعار(إضافةً إلى عامل تراجع العرض بنسبة أكبرمن نسبة تراجع الطلب)الجشع واللاوطنية التي تصبغ الكثير من التجار والمحتكرين وغياب الرقابة التموينية الجدية والمستمرة لضبط الأسواق والتلاعب بالأسعار وانخفاض قيمة الليرة السورية والمضاربات والتقلبات الكبيرة في أسعار صرف العملات الأجنبية مقابلها وارتفاع تكاليف المواد وارتباط السعر بارتفاع أسعارالنقل، الأمر الذي ترك لبائع الجملة والمفرق هامشاً متزايداً من الأرباح وتراجع حجم المتاح من القطع الأجنبي، وبالتالي انخفاض قيمة العملة الوطنية، مما أدى إلى زيادة التضخم وارتفاع أسعار معظم السلع والخدمات، وعلى رأسها السلع والاحتياجات الغذائية والضرورية، والمستورد منها على الأخص، وهذا ما يعني بوجهه الآخر تراجع مستوى المعيشة ونوعية الحياة، وخاصة بالنسبة للطبقات الفقيرة والشرائح الهشة وانتشار ثقافة الغلاء، وضعف الرقابة وفوضى التسعير (وانتشار الغش وتدني نوعيةالمنتجات) وسطوة احتكار القلة، وخاصة على أسواق أهم السلع الغذائية والضرورية والمواد العلفية ومواد البناء ورفع الجهات الحكومية لأسعار المازوت والبنزين، وتبعات ذلك في رفع أسعار معظم السلع والخدمات.
وأوضح التقرير أن ارتفاع سعر صرف القطع الأجنبي ليس هو السبب الوحيد بل هو السبب الأهم في ارتفاع الأسعار، وهذا ما يُفسر ارتفاع المستوى العام للأسعار بنسب تفوق نسب ارتفاع سعر صرف الدولار والقطع الأجنبي في السوق السوداء كما يُفسر سبب انخفاض المستوى العام للأسعار بنسب أقل من نسب انخفاض سعر صرف الدولارأما الحصار والعقوبات الاقتصادية فقد أضرت على وجه الخصوص بقطاعات المال والتجارة الخارجية والنقل والنفط والصناعة التحويلية، مما تسبب -إضافةً إلى الآثار السلبية على الميزان التجاري وميزان المدفوعات وقيمة العملة الوطنية-بمزيد من الصعوبات في مجال استيراد السلع الأساسية والضرورية، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الشحن ورسوم التأمين ونسب العمولات وتكاليف تحويل الأموال.
وتضمن التقرير عدة مقترحات منها تأمين كافة المواد الأساسية والضرورية والحد من ارتفاع أسعارها لتتوازن الرواتب مع نفقات الحياة بالحد الأدنى وتحسين الوضع المعيشي بكل المقاييس لأنه يبقى الأساس الداعم لقدرة المواطنين السوريين على مواجهة التحديات وإعادة إنتاج البلاد إلى مستوياتها السابقة من خلال إعادة تأهيل المناطق الصناعية وتطويرها فذلك يدعم اقتصاد البلاد ويعمل على امتصاص البطالة من خلال الاستعانة بالشباب السوري للعمل فيها والتمسك بالقطاع العام ليبقى القائد لقاطرة النمو وحل المشكلات التي تقف أمام ما تبقى من مؤسساته وتحول دون تحقيق إنتاجها بالطاقة المرجوة من خلال تأمين مستلزمات العملية الإنتاجية بأسعار مناسبة من مواد أولية وقطع تبديلية لازمة لصيانة خطوط الإنتاجو الحد من ارتفاع أسعار المحروقات لأنه يؤثر في كلفة المنتج و الحد من انقطاع التيار الكهربائي لأنه ينعكس سلباً على تشغيل الخطوط الإنتاجية بالشكل الأمثل.