ماذا ينتظرنا في العام الجديد؟
علي عبود
أقصى هدية سيحصل عليها ملايين السوريين الذين يعتمدون على التغذية الكهربائية النظامية ليلة لا تتجاوز ساعتي وصل في ليالي الأعياد الباردة، وغالبا ستكون أقل من ساعة في الضواحي والأرياف والجبال!
ولم يعد أهتمام السوريين العاملين بأجر، الذين لا يقوون على حفلات الخمس نجوم، ينصب على تنظيم احتفال بقدوم عيد رأس السنة بمائدة عامرة باللحوم والمقبلات والحلويات، كما كانت أحوالهم حتى عام 2011.
جل اهتمامهم اليوم سؤال من بأيديهم القرار: هل سيكون عامنا الجديد أسوأ؟!!
لا نبالغ إذا ما جزمنا أن العام القادم لن يكون أفضل لأن مفاعيله السلبية بدأت فعليا برفع أسعار المحروقات والأدوية والسلع الأساسية بنسب لا تقل عن 30% في الأيام الأخيرة، وكأنّ عام 2022، الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، يقول لخلفه عام 2023: أسلمك أمانة ملايين العاملين بأجر فلا ترحمهم!!
نعم.. كل المؤشرات التي تتحفنا بها الجهات العامة والخاصة تبشرنا بأن ما ينتظرنا في عام 2023 ليس سارا، بل في غاية القسوة والإحباط، طالما الشغل الشاغل لها، على مدار الساعة، رفع أسعار المحروقات وجميع السلع الغذائية من جهة، وتخفيض القدرة الشرائية للعاملين بأجر من جهة ثانية!
تصوروا أن المكاتب التنفيذية في جميع المحافظات حريصة على رفع تعرفة النقل لسيارات الخدمة والأجرة، لكنها لا تشغل نفسها بالإجابة على السؤال: هل يُعقل أن تشفط وسائط النقل العام 60% من راتب الموظف الشهري لكي يصل إلى مقر عمله؟
طبعا لن ينتظر العاملون أي تخفيض لأجور النقل في عام 2023، بل يتوقعون زيادتها لأن اللجنة الإقتصادية لن تتوقف عن زيادة أسعار المحروقات إلى حد أصبحت حالة عادية أن يطلب صاحب التاكسي مبلغ 40 ألف ليرة كتوصيلة داخل مدينة دمشق وليس إلى ضواحيها.
وبات عدد كبير من العمال يفكر إما بالتقاعد المبكر، أو بالاستقالة، لأن الوظيفة لم تعد تؤمن متطلبات الحد الضئيل جداً من أساسيات العيش الكريم.
ولم يعد ملايين العاملين بأجر يستغربون تصريحات الجهات العامة والخاصة، حول أوضاع الأسواق، فجميعها تشي بأن ما ينتظرنا في العام الجديد، إن لم يكن نسخة مكررة ومشوهة عن سلفه الذي يرحل ببطء شديد، فهو أسوأ.
لقد راعت وزارة التجارة الفعاليات التي يكثر الطلب على منتجاتها في الأعياد فرفعت أسعارها رسميا في نشراتها التموينية، ومع ذلك لم تلتزم بها أي فعالية فزادتها من جانبها بما لا يقل عن 30%، وباتت طبخة متواضعة في ليلة العيد تتضمن قطعة فروج صغيرة، أو أوقية لحمة مسوفة، تشفط نصف الدخل الشهري لأي عامل بأجر!
ولا تمل وزارة التجارة من تكرار معزوفة أن أسعارها في صالاتها أقل بكثير من الأسوق، ولا يمل القطاع الخاص من تكرار معزوفة توفر المواد في الأسواق دون أي انقطاع، لكن ما من أحد في العام أو الخاص مهتم بالجواب على السؤال: السلع المتوفرة.. لمن؟
لو استندنا إلى المؤشرات التي تؤكد تراجع الإنتاج في المواد الغذائية الأساسية مع مشاهد توفرها بكثرة في الأسواق فهو يعني تراجع استهلاكها لعجز ملايين الأسر السورية عن شراء احتياجاتها الفعلية منها، كما كان حالها حتى الأمس القريب!
ترى هل هذا ما ينتظرنا في عام 2023 .. أم اننا سنعاني الأسوأ؟
الخلاصة: لا ينتظر ملايين العاملين بأجر في عام 2023 سوى المزيد من الإجراءات والقرارات الصادرة من الجهات الحكومية، والمزيد من حالات احتكار السلع والأسواق من القطاع الخاص التي تستهدف جميعها تخفيض قدرتهم الشرائية أكثر فأكثر!