الانقسام السياسي في “إسرائيل” يضرب جيشها
تقرير إخباري:
في الوقت الذي أدى فيه زعيم حزب الليكود اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو اليمين القانونية أمام “الكنيست” كرئيسٍ لحكومة كيان الاحتلال الإسرائيلي الجديدة، يتضح جلياً حجم الانقسام الذي يعصف بـ ” إسرائيل” سياسياً واجتماعياً، وخصوصاً مع تزايد الاحتجاجات ضدّ سياسات الائتلاف الديني المتطرف الحاكم “الحريديم”، وسعيه لتشكيل حكومة الشريعة اليهودية المتطرفة “كالاخاه”، والهجوم الحادّ الذي يشنّه زعماء الأحزاب المعارضة وقادةٌ عسكريون وأمنيون حاليون وسابقون في الكيان، واتهامهم لنتنياهو أنه، في ظلّ سعيه لتولي رئاسة حكومة الاحتلال قدم لــ “الحريديم” تنازلاتٍ ستزيد الانقسامات، وخاصةً في جيش الاحتلال وهو ما يهدّد وجود كيان الاحتلال من الأساس.
وكان لافتاً توبيخ رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي لنتنياهو، وجاء التوبيخ بسبب نقل نتنياهو صلاحياتٍ من وزارة الحرب إلى تيار الصهيونية الدينية، المتمثل بزعيمي حزبي “الصهيونية الدينية” المتطرّف بتسلئيل سموتريتش، و”القوة اليهودية” المتطرف إيتمار بن غفير، حيث تم الاتفاق بين نتنياهو وبن غفير، على تولي الأخير المسؤولية الكاملة على قوات ما يسمى بــ “حرس الحدود”، وهي القوة المسؤولة عن فرض الاحتلال على مناطق الضفة الغربية المحتلة، وهو ما يؤدي إلى تحولها إلى ميليشيا تابعة إلى بن غفير، وقد حذّر منتقدو هذه الخطوة بمن فيهم وزير الحرب في حكومة تصريف الأعمال بيني غانتس، من أن سلطة بن غفير الجديدة قد تضّر بأمن “إسرائيل” بشكل خطير.
وفي هذا الشأن، أكّدت وسائل “إعلام إسرائيلية”، أنّ جيش الاحتلال ” وصل إلى “نقطة خطيرة”، بسبب الجدال حوله، ما دفع ضباطاً إلى التفكير في مدى الاستمرار بخدمتهم في صفوفه.
وقال الكاتب ومعلّق الشؤون العسكرية في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشع، تعليقاً على المكالمة: إنّ جيش الاحتلال في حالةٍ من الهرج والمرج، لافتاً إلى أنّ “المكالمة لم تكن مطمّئنةً لنتنياهو”، ومضيفاً: إنها “جرت بعد موافقة بيني غانتس، وهذا يعني أنّ ما قاله كوخافي يعبّر عن موقف جيش الاحتلال، لذلك، هو طلب توضيحات بشأن الصلاحيات التي أعطيت لليمين المتطرف، لكن حتى الآن لم يحصل عليها”.
من جانبه، قال نير دفوري، المعلق العسكري في “القناة 12″: إنّ هذا الجدال دفع ضباطاً في جيش الاحتلال إلى البدء بالتفكير في مدى إمكانية الاستمرار بالخدمة فيه، كما أشار إلى رسالة للطيارين العسكريين ” الإسرائيليين” إلى قادة كيان الاحتلال، تؤكد أن حكومة الدينيين المتطرفين “تهدّد مستقبل كيانهم”.
وخلاصة هذه التطورات إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن كيان الاحتلال قام نتيجة المجازر التي ارتكبتها عصابات الهاغانا وشتيرن وغيرها، ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وهي العصابات التي شكلت العمود الفقري لتشكيل جيش الاحتلال بمسماه الحالي، تقودنا للقول: إنه ليس بالجديد تحول قوات منه إلى ميلشيات تأتمر بأوامر المتطرفين الدينيين، ولكن الحروب التي ستشعلها هذه الميليشيات لن يقوى المجتمع الصهيوني المتفكك أساساً على تحمل نتائجها وتبعاتها.
ويبدو أن هاجس زوال كيان الاحتلال الإسرائيلي الحتمي يقضّ مضاجع قادته السياسيين والأمنيين والعسكريين، وهم متخوفون من أن حكومة نتنياهو “الأكثر تطرفاً في التاريخ”، ستكون “الشعرة التي قصمت ظهر البعير”.
إبراهيم ياسين مرهج