الحقد الحزبي يجعل واشنطن أكثر انقساماً
ترجمة: عائدة أسعد
مما لا شك فيه أن نتائج الانتخابات النصفية الأمريكية ستؤدي إلى تفاقم المواجهة الحزبية، والاستقطاب السياسي. وعلى الصعيد المحلي، من المؤكد أن أعضاء مجلس النواب الجمهوريين سيقومون بإطلاق سلسلة من التحقيقات في الإدارة، مثل التحقيق في الانسحاب العسكري من أفغانستان، والمعاملات التجارية لـ هنتر بايدن، حيث ستحمل جميعها وتتحمل قدراً هائلاً من الحقد الحزبي.
وعلاوة على ذلك، هناك نتيجة أخرى لانتخابات عام 2022، وهي أن الرئيس السابق ترامب سيكون الخاسر الأكبر على الرغم من انخفاض نسبة تأييد الرئيس بايدن بسبب مستوى التضخم في الولايات المتحدة الذي ارتفع منذ أكثر من 40 عاماً، إضافة إلى المخاوف بشأن الجريمة، وأمن الحدود الجنوبية.
وسيكون لنتائج الانتخابات النصفية أيضاً تداعيات عميقة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ولاسيما تلك المتعلقة بأوكرانيا، والصين، وإيران، فالنتائج ستؤثر على أجندة بايدن للمساعدة العسكرية لأوكرانيا التي سمحت بأكثر من 66 مليار دولار من المساعدات، والتي وافق عليها الكونغرس منذ بدء الصراع قبل ما يقرب من 10 أشهر، حيث أعرب العديد من كبار أعضاء الكونغرس الجمهوريين عن معارضتهم لتقديم مساعدات واسعة النطاق لأوكرانيا. وحسب كيفن مكارثي، زعيم الأقلية الحالي في مجلس النواب، سيكون مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون متردداً في التصديق على مساعدة “شيك على بياض” لأوكرانيا، ومن المتوقع أن يبطئ مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون في العامين المقبلين من الوتيرة الحالية للمساعدة مما يمنع أن تتم الموافقة على كميات كبيرة من تمويل المساعدات بسهولة.
وأما بالنسبة لسياسة الولايات المتحدة تجاه الصين، وبالنظر إلى حقيقة أن أربعة من كل خمسة أمريكيين ينظرون الآن إلى الصين بشكل سلبي بسبب تأثرهم بالسياسيين ووسائل الإعلام التي تشيطن الصين، يتبنى كل من الديمقراطيين والجمهوريين بالفعل موقفاً متشدداً تجاه الصين. ومع ذلك يمكن لمجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون أن يعقّد سياسة بايدن تجاه الصين، ويقوض مكوناتها البناءة بسبب موقفه الأكثر تشدداً تجاه الصين. ويقال إن النائب مايك ماكول من تكساس، الرئيس القادم للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، سيجعل المساعدة لتايوان أولوية قصوى، بما في ذلك زيادة القدرات العسكرية، وتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان. كما تعهد مكارثي أيضاً بزيارة تايوان عندما يصبح رئيس مجلس النواب، وإذا كان الأمر كذلك ، فسيكون ضاراً بالهدف المعلن لإدارة بايدن المتمثل في إعادة العلاقات الصينية الأمريكية إلى مسار التنمية المستقرة، وتعزيز التعاون بين الولايات المتحدة والصين بشأن تغير المناخ وأزمتي الطاقة والغذاء.
وأما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية المتعلقة بإيران، فعلى الرغم من الضغط على إدارة بايدن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 والذي تم التوصل إليه في عهد الرئيس أوباما، وانسحاب ترامب من جانب واحد في عام 2018، إلا أنها ستعاني من عرقلة الجمهوريين الذين يتخذون موقفاً صارماً من إيران، وسيكون من الصعب على إدارة بايدن إحياء الاتفاق، وبالتالي إعاقة التعاون الدولي في تسوية المشاكل النووية.
باختصار، أنتجت الانتخابات النصفية للولايات المتحدة في عام 2022 حكومة منقسمة، ما تسبّب بتداعيات كبيرة على كل من السياسات المحلية والسياسات الخارجية. وفي ظل المواجهة الحزبية والاستقطاب السياسي، سيكون من الصعب على الديمقراطيين والجمهوريين التوصل إلى توافق وتعاون، مما يضرّ ليس فقط بمصالح الولايات المتحدة، ولكن أيضاً بمصالح المجتمع الدولي.