الأجهزة المحمولة.. هوس طفولي يهدد بأمراض مختلفة ..وعزلة تبدد مستقبلهم
البعث الأسبوعية _ بشير فرزان
بات المجتمع السوري يعاني من “الفردية” بسبب استخدام مواقع التواصل الاجتماعي “بشكل مهووس وغير مقنن” حيث تراجعت العلاقات بين أفراد العائلة الواحدة بسبب الإدمان على استخدام تلك المواقع حيث يقضي كثيرون وخاصة المراهقين ساعات طويلة وهم يزاولون نشاطاً حديثاً نسبياً يتمثل في استخدام الأجهزة اللوحية والمحمولة حتى أن بعضهم يستخدمها في شكل متواصل أحياناً. وعلى كل حال صار للجميع تقريباً صلة ما بهذه الأجهزة وبالتقنيات المرتبطة بها. بل يمكن القول إنها أضحت مسيطرة في شكل أو آخر على عقول مستخدميها.
وفي هذا السياق يقول طبيب العيون أدهم العربي أن الوميض الناتج من المستويات العالية والمتباينة من الإضاءة في الرسوم المتحرّكة الموجودة في ألعاب الأجهزة المحمولة يتسبّب في حدوث نوبات من الصرع لدى الأطفال محذرا من الاستخدام المستمر والمتزايد لألعاب الموبايل الاهتزازية من قبل الأطفال لاحتمال ارتباطه بالإصابة بمرض ارتعاش الأذرع. مشيرا إلى أن الإدمان المرضي على ألعاب الموبايل قد يسبب اضطرابات في النوم وفشلاً على صعيد الحياة الخاصة أو الدراسة وكسلاً وخمولاً وعزلة اجتماعية لدى الأطفال إضافة إلى التوتر الاجتماعي وفقدان المقدرة على التفكير الحر وانحسار العزيمة والإرادة لدى الفرد. لافتنا إلى أن الأشخاص الذين يقرأون الرسائل ويتصفحون الإنترنت على هواتفهم النقالة يميلون إلى تقريب الأجهزة من أعينهم أكثر من الكتب والصحف ما يجبر العين على العمل في شكل متعب أكثر من العادة.
من جهته حذر الدكتور مجد فتاوي” عصبية” من نوعية الألعاب التي يزاولها الأطفال فتختلف بين ألعاب الصراعات والحروب والذكاء والتركيب فعلى الرغم من الفوائد التي تتضمنها بعض الألعاب تبقى سلبياتها أكثر من إيجابياتها لأن معظم الألعاب المستخدمة من قبل الأطفال والمراهقين ذات مضامين سلبية ولها آثار عكسية جداً فيهم خصوصاً في مستوى الصحة على المدى الطويل. وهذا حتما يعرّضهم إلى أخطار وإصابات قد تنتهي بإعاقات أبرزها إصابات الرقبة والظهر والجهاز العصبي.
وينبغي أن لا يسمح للأطفال بقضاء أكثر من ساعتين في اليوم باللعب على الاجهزة ” الذكية “و يجب أن تبقى أجهزة التلفزيون والكمبيوتر خارج غرفة الطفل وفق تحذير الدكتورة سميرة الهادي. لأن الشباب سوف يواجهون قنبلة صحية موقوتة في ما يتعلّق بآلام الرقبة والظهر والعيون المرتبطة باستخدام أجهزة الكمبيوتر وألعاب الفيديو والهواتف الذكية. وقد بدأت تظهر أولى نتائجه في المدارس في الحلقة الأولى والثانية والقادم أعظم أذا لم تنظم وتراقب من قبل الأهل.
وعلى مستوى الإدمان النفسي يؤكدالدكتور زاهي شعبان ” علم النفس” أن الإدمان يتولّد لدى الطفل مشاعر سلبية إذا فقد الجهاز مثل الغضب الانعزال والاكتئاب لأنه أصبح يعيش في عالم افتراضي ما يؤدي إلى فقدان المهارات الاجتماعية لديه. ولم يعد يحتك بأخوته وبوالديه وأقاربه بل مع أصحابه الافتراضيين وبالتالي تغيّرت العلاقات الاجتماعية إلى علاقات إلكترونية بحتة. و أن الاستعمال المتزايد للتكنولوجيا قد يؤثر ويزيد من نسبة التوحّد والانعزالية وقلة التواصل مع الناس ما يجعل الشخص متقوقعاً داخل عالمه الافتراضي. وقد تتطور الحالة لتصل إلى الإدمان وهذا سوف يسبب التقصير على المستوى الأسري والاجتماعي ويضعف مهارات التواصل الاجتماعي نتيجة قلة الاحتكاك والتفاعل المجتمعي. محذرا من أن الإدمان سوف يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب ويساهم في الانطواء الفكري وهنا يتطلب العلاج النفسي بمختلف مناهجه التحليلية أو السلوكية المعرفية لأنه يلعب دوراً كبيراً في القضاء على إدمان التقنية كما غيره من الأمراض النفسية.
عموماً لا يوصي الخبراء بمنع الأجهزة الحديثة ” الموبايلات” عن الطفل بل بتحديد أوقات استخدامها مع مراقبة المحتوى الذي يصل إليه الطفل عبرها. لان في ذلك سلاح ذو حدين فرغم مساوئها تساهم في تنمية شخصية الطفل وتطوير الذات والقدرة على إتقان فن الحوار وتبادل المعلومات وحرية التعبير كما تقوي لديه حب المبادرات في المشاريع التنموية وتحمل المسؤولية واتخاذ القرار وترفع من مستوى الثقة بالنفس والثقافة العامة. غير أن على الأطفال ممارسة نشاطات جسدية مثل المشي والجري وركوب الدراجة لأنها تساعد أجسامهم على النمو في شكل سليم.