ماذا يقصد المركزي بـ “سعر التداول”؟ المعنيون لا يجيبون والحوالات لا تزال في فوضى “السوداء”
دمشق – ريم ربيع
لم يأت تصريح معاونة حاكم المركزي حول تصريف الحوالات الخارجية مؤخراً بجديد، بل اتجهت عبر لقاء تلفزيوني لإعادة التذكير بتوجيه المركزي بتصريف الحوالات في شركات الصرافة المرخصة بسعر التداول وليس سعر المركزي (4500)، وهو توجيه معمول به منذ أكثر من عام تقريباً بحسب متابعين، لكن دون أن يشكل فارقاً كبيراً في حجم الحوالات الواردة عبر الشبكات الرسمية، ليبقى السؤال هنا لماذا يغامر مواطنون بالتصريف عبر السوق السوداء المتقلبة وغير المضمونة بدلاً من المنافذ الرسمية إن كان السعر ذاته.!
وجهنا هذا السؤال لعدد ممن تردهم حوالات منتظمة من أقربائهم في الخارج، ليؤكد مواطنون أن السعر الذي يحصلون عليه في شركات الصرافة أكثر من سعر المركزي الرسمي، لكنه يبقى أقل من السوق الموازية بمعدل 1000-1500 ليرة، وبذلك يكون الفارق كبيراً إن كان المبلغ يتجاوز 100-150 دولار وهو المعدل الوسطي لكل حوالة، أما المبالغ الصغيرة فلن يكون الفرق فيها مؤثراً، مؤكدين أن عامل الأمان شبه معدوم في السوق السوداء لكن الفرق قد يتجاوز 100-200 ألف ليرة في قيمة الحوالة بالكامل، لذلك يضطرون للجوء لها على مبدأ “مجبر أخاك لا بطل”.
وفيما يؤكد متابعون أن تقليص الفارق بين سعر شركات الصرافة وسعر السوداء زاد من حجم الحوالات، لكن ذلك بحدود قليلة، حيث لا تزال ملايين الدولارات الواردة شهرياً خارج القنوات الرسمية لتغذي بضعة صرافين بدلاً من المصرف المركزي، إذ تقدر الحوالات الواردة سنوياً ما بين 1.5 و2 مليار دولار وسط غياب إحصائيات أو بيانات رسمية، حيث تُصرّف النسبة الأعظم منها في السوق الموازية التي لا تخلو من عمليات نصب واحتيال يقع ضحيتها المواطنون.
وليس خافياً على أحد ما شهدته الأعوام الأخيرة من مطالبات ومقترحات ودراسات قدمت عبر الإعلام أو للمعنيين مباشرة لإيجاد حل يضمن وصول الحوالات بشكل رسمي، بما يدعم الخزينة بالقطع المستنزف لأبعد الحدود، ولكن دون تجاوب يذكر لاعتبارات حاولنا التواصل مع المصرف المركزي للوقوف عليها، ومعرفة المقصود من “سعر التداول” الذي أثار الكثير من التساؤلات حوله، ولكن دون أن نحصل على رد، فيما يتساءل خبراء: هل يعتبر هذا اعتراف بالسوق السوداء..؟، ولماذا إذاً تصدر نشرة صرافة محددة لسعر الحوالات الخارجية بـ 4500 ليرة؟
في المقابل استغرب عضو لجنة الموازنة والحسابات في مجلس الشعب زهير تيناوي ما صرحت به معاونة الحاكم، معتبراً أن سعر التداول الذي يعرفه المواطن هو بين مضاربين وليس بين المركزي والجهات الرسمية كما أنه متغير كل ساعة وغير شرعي، لذلك يجب أن يوضح المصرف ما المقصود بسعر التداول الذي يتحدث عنه، فالسوق السوداء غير معترف بها ولا يوجد نشرة مصدقة لأسعارها.
وبيّن تيناوي أن أي مواطن يهمه الحصول على السعر الأفضل، والفجوة لا تزال كبيرة بين السوق السوداء والمركزي، لكن لا يمكن الاعتراف بالأول حفاظاً على القوة الشرائية لليرة، فرغم أهمية استقطاب الحوالات بالطرق الرسمية إلا أن الاعتراف بالسوق الموازية أو رفع السعر الرسمي للدولار ليس لصالح أحد، حيث سترتفع الأسعار وتنخفض القوة الشرائية للمواطن، معتبراً أن تقديرات قيمة الحوالات الواردة قد يكون مبالغ بها، فهي تعادل وسطياً ما قيمته مليار ليرة شهرياً وفق تقديره.