ثقافةصحيفة البعث

القيم الجمالية لأعمال الراحل علي السرميني في بحث أكاديمي

أكسم طلاع

تكتسبُ تجربة الفنان الراحل علي السرميني أهمية خاصة من بين التجارب التشكيلية السورية الحاضرة في الربع الأخير من القرن العشرين، بمستوياتها الإنتاجية الفنية والإدارية والأكاديمية والنقابية والاجتماعية والحزبية، وقد توّجت في نهاياتها بفيض من الأعمال الفنية المنفذة بالألوان المائية، حيث مكتبه كأستاذ في كلية الفنون تحوّل إلى مرسم مكتظ بالمؤلفات واللوحات المائية الغزيرة، فكان يرسم يوميات الفنان الكهل بروح طفولية عامرة بالتلقائية والبساطة، هذه التجربة الطويلة والعميقة استحقت الدراسة والبحث من قبل طلابه ومن جاء بعدهم من دارسين على مقاعد قسم التصوير في كلية الفنون، وتحقق بعض من هذه الدراسات الواعدة لمستقبل بحثي في الموروث التشكيلي السوري ونبش القيم العميقة في الموجود التشكيلي والبحث عميقاً في ينابيعه الصافية، فكانت دراسة البحث التي قدّمها الطالب الفنان مهند السريع للحصول على درجة الماجستير في فن التصوير، وقد اختار لهذه المادة عنوان: “القيم الجمالية في تجربة الفنان الراحل علي السرميني”، وربما تحمل هذه الرسالة فيضاً من الأمانة والوفاء لروح وفن هذا الفنان الأستاذ الذي قضى جلّ عمره في كلية الفنون الجميلة، فكان هذا البحث وبإيجاز:

بدأ الفنان علي السرميني مسيرته الفنية في مدينة حلب في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، ليتابع دراسته الجامعية في كلية الفنون الجميلة بدمشق في قسم التصوير، حيث تخرّج عام 1972 ومن ثم أوفد إلى ألمانيا عام 1976 ليتابع دراسته العليا باختصاص التصوير الجداري، وقد اقتصرت تجربته الأخيرة على التصوير بالألوان المائية والأكريليك التي أبدع في صياغاتها الجمالية شكلاً ومضموناً، وبناءً على ذلك فقد اهتمّ البحث خلال فصوله الثلاثة بمتابعة القيم الجمالية في أعمال السرميني، فكان الفصل الأول كتقديم عن الفن السوري المعاصر، ويتضمن ستة مباحث رئيسية: المبحث الأول: التشكيل السوري الحديث واتجاهاته وتطوره في نهايات النصف الثاني من القرن التاسع عشر حتى نهاياته، المبحث الثاني: التشكيل السوري وبدء تشكل اتجاهاته الفنية في القرن العشرين، حيث أخذت الحركة الفنية في سورية تتشكل مع نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين وتضع أساساتها الأولى، المبحث الثالث الاتجاهات الفنية التشكيلية في النصف الثاني من القرن العشرين، المبحث الرابع حول واقع الاتجاهات الفنية المعاصرة، المبحث الخامس حول الاتجاهات الشخصية الحديثة، والسادس حول واقع الفن التشكيلي الراهن.

جاء الفصل الثاني مركزاً حول تجربة الفنان علي السرميني، وقام الفصل على مباحث عدة وفقرات متنوعة تخصّ تجربة السرميني وهي: المبحث الأول حول نشأته والعوامل المؤثرة في التجربة، أما المبحث الثاني فحمل عنوان مراحل تطور التجربة الفنية واشتمل بدايات التجربة والمرحلة الأكاديمية في كلية الفنون الجميلة بدمشق، والمبحث الثالث حول التنوع في الأساليب الفنية، ويتضمن مسألتين الأولى التعريف بالأسلوبية والأساليب الفنية مثل التكعيبي والواقعي والانطباعي وأسلوب التعبيرية الألمانية، وأسلوب الفنان السرميني الذي تأثر بهذا الأسلوب بحكم دراسته الأكاديمية في ألمانيا، كما يشمل المبحث الرابع والأخير دراسة في تنوع التقانات الفنية التي استعملها الفنان وينتهي الفصل بمراجعة سريعة وما حملته تجربة السرميني من قيم جمالية وتشكيلية على صعيد الشكل والمضمون.

الفصل الثالث تضمن تجربة الباحث مهند السريع بشقيها النظري والعملي وخاتمة ومن ثم النتائج وجملة من المقترحات، ويعرف الفنان الدارس مهند السريع بدأبه وشغفه الفني، حيث اكتسبت تجربته الشابة خصوصيتها بين نتاجات الفنانين الشباب المبشرة بمستقبل بدأت ملامحه تتضح بالجدية والمعرفة والتجربة المنتجة والحاضرة كرافد تشكيلي جديد للمحترف السوري الذي يحتلّ موقعاً مميزاً بين المحترفات العربية.