ماذا يشغل محافظة دمشق ودائرة خدمات الشام؟
علي عبود
لم ولن نجد مبرراً واحداً لإهمال ما يعانيه بعض سكان الأحياء في الضواحي الجديدة، حيث تنعدم الخدمات العامة كلياً، وكأنّها لا تتبع لمحافظة دمشق إلا على الورق. تصوّروا أن مناطق سكنية حديثة في توسّع ضاحية الشام الجديدة، كالجزيرتين 22 و23، مسكونة منذ عام 2007، ومع ذلك لم تستأثر باهتمام أي محافظ حتى الآن، ولم تُخصّص لها أي اعتمادات لناحية تزفيت طرقاتها المحفرة والترابية، وإقامة مساحات خضراء أو حدائق بين أبنيتها!.
ما لفتنا قيام محافظ دمشق، يوم 23/ 11/ 2022، بترؤس اجتماع لمجلس إدارة التجمع التعاوني السكني للنقابات المهنية بدمشق، كشف خلاله أن ما يشغله فعلياً هو الاستثمارات الجديدة في الضاحية، وأن آخر اهتماماته تنفيذ المرافق الأساسية للجزر المهملة كلياً منذ عام 2007!!.
نعم، من المهمّ جداً أن يشغل محافظ دمشق دون سائر الضواحي (ولا نعرف السبب)، رئاسة مجلس إدارة التجمع التعاوني السكني للنقابات المهنية بدمشق، وهي جهة غير حكومية، ومن المهمّ أيضاً أن ينشغل بأهمية “استثمار جميع أملاك التجمع التجارية والعقارية وفقاً للأسعار الرائجة لما تحققه من عوائد مالية تسهم في تحسين الواقع الخدمي”، لكن الأكثر أهمية أن يخصّص اهتماماً أيضاً للمرافق الخدمية في توسّع ضاحية الشام الجديدة، وتحديداً في الجزيرتين 22 و23، وأن يغمر طرقاتها بقليل من الزفت الأسود، لا أن تبقيا طيّ النسيان إلى أمد غير منظور!.
لقد راجع السكان دائرة خدمات الشام مراراً وتكراراً من أجل تزفيت الطريق الرئيسي، والممرات بين أبنية هاتين الجزيرتين، ولكن دون جدوى، وكان جواب الرؤساء المتعاقبين للدائرة أن “توسّع دمر من اختصاص إدارة التجمع ولم يتمّ تسليمه حتى الآن إلى محافظة دمشق”!!
حسناً، هذا الردّ جميل جداً، وفي منتهى الدقة والوضوح، وهو يعني أن إدارة التجمع السكني للنقابات المهنية برئاسة محافظ دمشق – ونشدّد على “برئاسة محافظ دمشق” – هي المسؤولة عن تأمين الخدمات والمرافق الأساسية في توسّع ضاحية الشام الجديدة، والسؤال: بماذا انشغل محافظو دمشق المتعاقبون منذ عام 2007 عن الاهتمام ولو بنسبة 1% من الجزر التابعة لضاحية الشام الجديدة؟
كان بإمكان أحد المحافظين أن يناقش في بعض الاجتماعات التي يترأسها لمجلس إدارة التجمع التعاوني السكني للنقابات المهنية بدمشق أحد الموضوعين التاليين أو كلاهما معاً:
الأول: الموافقة على تزفيت الطرق الرئيسية والفرعية في جزر التوسّع من ميزانية التجمع، وخاصة الجزيرتين المذكورتين المهملتين، حيث لم تتكحل عيون السكان على مدار 15 عاماً بأي ورشة خدمات على الرغم من الشكاوى المتكررة!
الثاني: الموافقة على نقل التوسّع إلى محافظة دمشق لتتمكن من رصد الاعتمادات اللازمة لدائرة خدمات الشام الجديدة كي تقوم بأعمال التعبيد والتزفيت، وزرع الممرات والمساحات الترابية والصخرية بالأشجار والنباتات الخضراء.
ولا يقتصر السؤال على “ماذا يشغل محافظ دمشق؟”، فالسؤال أيضاً: بماذا تنشغل دائرة خدمات الشام الجديدة؟
لنفترض أن محافظي دمشق ليسوا على اطلاع بواقع مناطق التوسّع بضاحية الشام الجديدة، وتحديداً في الجزيرتين 22 و23، ألا يفترض أن يقوم رؤساء دائرة الخدمات فيها، المتعاقبون منذ عام 2007، برفع مذكرة إلى أي محافظ، باعتباره رئيساً لإدارة التجمع التعاوني السكني للنقابات المهنية بدمشق، يطلبون فيها تشميل الجزيرتين بخطط التعبيد والتزفيت والحدائق من أموال التجمع وليس من ميزانية المحافظة؟
لم يفعلها أي رئيس للخدمات سابقاً، ولا يبدو أنه سيفعلها رئيس دائرة الخدمات الحالي، فالكل منشغل خلال ترؤسه لاجتماعات إدارة التجمع بالتأجير والاستثمارات، وبغضّ النظر عن المخالفات التي حقّقت لمرتكبيها المليارات حسب الأسعار الرائجة، فهذه المخالفات – كما تكشف الوقائع – وغض النظر عنها وتجاهلها أهم بكثير من تأمين الخدمات الأساسية للجزر التي يحيط بها الإهمال من كل الاتجاهات!!