ثقافةصحيفة البعث

“الوشم” حكايات شامية ترافقها موسيقا الددوك

ملده شويكاني

موسيقا الددوك التي تشبه سحر النسيم والمعبّرة عن الحزن الشفيف حاضرة في شارة مسلسل الوشم للعازف المبدع محمد العزاوي، بالإضافة إلى بعض المشاهد، ولاسيما التي ترافق نايف- عاصم حواط- الذي يشعر بشيء غريب يشده إلى الحارة وإلى منزل الزعيم- جمال قبش- ولا يعرف ما هو، ليرتبط هذا الإحساس مع زوجة الزعيم ـ وفاء موصللي- التي تنتظر عودة ابنها الضائع في أحداث مسلسل البيئة الشامية “الوشم” لموسم دراما 2024، وعلى الرّغم من أن حكاياته مكررة، لكنها جاءت برؤية جديدة.

وأول مرة يتصدى المخرج عمار تميم لإخراج عمل من البيئة الشامية تدور أحداثه في دمشق القديمة لنصّ كتبه قاسم الويس، ويحمل الكثير من الحكايات الشامية لعائلات الحارة، ابتداء من منزل العكيد “أبو مصطفى” الذي يجسد دوره الممثل والمنتج السوري عاطف حوشان – الذي مثّل بالسينما والدراما المصرية- بطريقة مختلفة، فيظهر هنا أكثر هدوءً واتزاناً من صورة العكيد المألوفة في هذه الأعمال، لكنه يقوم بالدور ذاته الذي جسده العكيد في عطر الشام ـ رشيد عساف- الذي تصرّ أخته كبيرة الحارة ـ سلمى المصري ـ على زواجه من نساء عدّة ليكون لديه المزيد من الأولاد والعزوة، كذلك صورة العكيد في “الوشم” الذي تصرّ أخته كبيرة الحارة – فاديا خطاب- على تزويجه من الثالثة لإنجاب الصبي ليحمل اسمه بعد أن رزق بعدد من البنات.

بالإضافة إلى قصة ضياع الولد التي تكررت بصور مختلفة ليكون “الوشم” هو الدليل، وفي جانب آخر الصراع بين الشقيقين نتيجة الصراع بين زوجاتهما ـ السلايف- الذي اشتد بين أمانة والي ووفاء موصللي زوجة الزعيم “أبو مالك”.

حكايات مختلفة

وعلى الرغم من تكرار الحكايات، لكن العمل كان مختلفاً من حيث بعض جوانب النص والرؤية الإخراجية، لكونه يحكي حكايات عائلات عدة تقطن بالحارة، كل عائلة لها حكاية بعيداً عن التطرق إلى الصراع مع الفرنسيين، فيدخل العمل في صميم الحياة الاجتماعية السائدة من حيث التكافل الاجتماعي بمساعدة العكيد ورجال الحارة العائلات الفقيرة، وممارسة الطقوس التراثية من خلال المقهى وحمام السوق والحلاق وغيرها.

كما تتفرع الخطوط الدرامية لتمتد إلى قصص حب شائقة من النافذة وعلى سطح البيت وفي الحقل، وخاصة بين سميحة وابن عمها، على الرغم من حدة الخلاف بين العائلتين، عائلة الزعيم ـ جمال قبش- وعائلة أخيه – علي كريم-.

تعليم فتيات الحارة

النقطة المهمة هي أن العمل قدّم ممثلين بأدوار جديدة مثل جمال قبش بدور الزعيم، وكان سابقاً يظهر بدور الكولونيل في باب الحارة، وكذلك ظهور عاطف حوشان بدور العكيد، كما ركز على العلاقات بين ريف دمشق ودمشق، وعلى أسلوب الحياة في الريف، لكن الرؤية الجديدة اتضحت من خلال شخصية نرجس- دانا جبر- الفتاة المتعلمة التي لا ترتدي الملاءة السوداء وتعيش حياة فقيرة وبسيطة مع والدتها- لينا حوارنة- ولا تجد تعاطفاً من نساء الحارة، وتحاول إحداث تغيير في حياتها من خلال العمل، إذ تصرّ على تعليم بنات الحارة في المدرسة، وتواجه رجال الحارة الذين يرفضون الفكرة مبدئياً.

كل هذه الخطوط تتشابك وتتداخل مع الحكاية الأساسية بانتظار “مالك” الذي ترفض والدته تصديق التكهنات بأنه ميت، وتتبع إحساسها الذي بدأ يرشدها إلى نايف، وستتصاعد الأحداث وتنتهي بمأساوية لبعض العائلات من خلال ما عُرض من مشاهد الإعلان عن المسلسل في الحلقات القادمة منه.

الأداء اللافت

والجميل في العمل الاهتمام بالتراث المادي واللامادي للتراث الدمشقي من خلال الدراما السورية المحلية البحتة، التي تعد سفيرة للهوية والثقافة السورية بمعناها الواسع الذي يشمل الحياة الاجتماعية والممارسات اليومية والمهن التراثية والمفردات والأزياء والإكسسوارات غيرها، وكذلك الأداء القوي والرائع للممثل علي كريّم وكل نجوم دراما أعمال البيئة الشامية فاديا خطاب ووفاء موصللي وأمانة والي، كما أدت الفنانة ريم عبد العزيز دور الداية أمينة بصورة جديدة.