مجلة البعث الأسبوعية

خلافاً للأعوام السابقة..تسويق الحمضيات في ذروته…ووزارة الزراعة تتغنى بخطتها الاسعافية

البعث الأسبوعية-ميس بركات

مرة أخرى تصدّر مشهد الحمضيات المرمية بجانب الأشجار صفحات التواصل الاجتماعي، لتُضاف إلى تلك الصور مشاهد أكثر ألماً للفلاح بتعبئته كميات كبيرة من الحمضيات بأكياس كبيرة لبيعها بسعر زهيد لا يتجاوز الألفي ليرة للكيس الواحد على قارعات الطرق، في المقابل كثرت التعليقات المتهمة هذه الصور بالقديمة والعائدة إلى أعوام سابقة لا سيّما مع  جهود الوزارات المتعاونة هذا العام وخططها الاسعافية في إعادة تصويب بوصلة تسويق الحمضيات لمسارها الصحيح، إذ لم ينخفض سعر كيلو الحمضيات عن الألفي ليرة في جميع الأسواق على مدار الفصل، ناهيك عن تأكيد مكتب الحمضيات على وصول تسويق المادة إلى ذروتها هذا العام.

ربح ضئيل

فلاحو الحمضيات ليسوا الوحيدين ممن استجدوا مراراً وتكراراً لإيجاد حل جذري للواقع التسويقي لمحصولهم المنتهي كعلف للحيوانات في أغلب الأحيان على مدار أعوام مضت ليجدوا بارقة أمل هذا العام حسب ما أكده الكثير من مزارعي المحصول وتعبيرهم عن رضا تسويق محصولهم على عكس الأعوام الماضية فعلى الرغم من تحقيقهم هامش ربح ضئيل إلّا أنه –حسب رأيهم- أفضل من اللاشيء ووصولهم للتفكير في سنوات مضت إلى تحطيب أشجار الحمضيات، متأملين بتحقيق هامش ربح في الأعوام السابقة يفوق هذا العام، في المقابل كان للبعض الآخر رأي مغاير بعدم استجرار محصولهم من قبل أي مؤسسة وعلى الرغم من اقتراب انتهاء الموسم إلّا أنهم لا زالوا على قيد انتظار مؤسسة التدخل والجهات المعنية باستجرار محصولهم أسوة بغيرهم.

تضافر جهود

مدير مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة أكد لـ “البعث الاسبوعية” أن واقع التسويق هذا العام جيد جداً وبأسعار أرضت جميع الأطراف، لافتا إلى تجاوز الوزارة مرحلة الذروة في التسويق سواء محلياً أم خارجياً، ولفت بركات إلى أن التسويق هذا العام تم وفق الخطط الموضوعة منذ بداية المحصول والمتمثلة بقيام هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات بإقرار دعم تصديري للحمضيات، إضافة إلى إيجاد آلية مراقبة الصادرات الزراعية بالتنسيق مع وزارة الزراعة والجهات الأخرى المعنية، يٌضاف لها إجراء مباحثات مع الجانب العراقي لتخفيض الرسوم المدفوعة على براد الحمضيات ، وفيما يتعلق بصعوبات النقل من تأمين المحروقات أكد مدير مكتب الحمضيات أنه جرى الاتفاق مع وزارة النفط والثروة المعدنية على إعطاء الأولوية في تأمين المحروقات لمراكز الفرز والتوضيب من خلال زيادة حصة القطاع الزراعي وخاصة خلال فترة ذروة الإنتاج على أن يتم تحديد حاجة كل مركز من خلال الطاقة الإنتاجية الفعلية، إضافة إلى تأمين المحروقات اللازمة للشاحنات حيث تم  تأمين المازوت لسيارات نقل الحمضيات ضمن المحافظة وبين المحافظات، وعن جهات التصدير خارجيا أكد مدير مكتب الحمضيات إلى أن المستقطب الأول للمحصول هو دولة العراق كما أننا حاليا بانتظار نضج الأصناف المعدة للتصدير إلى الأسواق الروسية كالبرتقال الدموي.

انهيار القطاع

في المقابل وجد برأي الخبير التنموي أكرم عفيف أن تسويق الموسم هذا العام  لم يختلف عن الأعوام السابقة وإنما ما حصل هو انخفاض إنتاج الموسم هذا العام، فإنتاج العام الماضي كان حوالي المليون طن بينما إنتاج هذا العام هو 650 ألف طن، أي أن الإنتاج انخفض حوالي ال40% بالتالي فمن المفترض أن يبتلع السوق هذا الإنتاج المنخفض، واستنكر عفيف الحجج المقدمة  دائما بأن الحمضيات المنتجة محلياً غير صالحة للعصير في حين أن أكثر من 50% من الحمضيات هي من نوع عصائري، لكن المشكلة تنحصر في آليات التسويق الداخلي والخارجي.

 

الخبير التنموي قدم طريقة سليمة للتسويق بحيث يتم العمل على موضوع تعاقدي مع دول مستوردة أنواع معينة تحددها لنا والبحث عن شركات تصدّر ثم التعاقد مع مزارعي حمضيات  بناء على عدة معطيات تتمحور باستجرار كامل المحصول في حال حقق المواصفات التي تم وضعها في أيديهم، إلاّ أن ما يحصل هو خسائر متكررة للمنتجين ستوصلنا إلى إنهيار كل مطارح الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني.

غياب العقلية المرنة

ولفت عفيف إلى أن تباين الأسعار بين المنتجين والمستهلكين يحقق فرصة أمام السورية للتجارة لاستجرار المحصول من المنتج بسعر أكثر من السعر الحالي والبيع للمستهلك بسعر أقل بالتالي تشكل فرصة استثمارية بتحقيق ربح، وفرصة للمنتجين بتجنب الوقوع بخسائر وأيضاً للمستهلكين للشراء بسعر أقل، وبذلك تلعب السورية للتجارة دور التاجر الأخلاقي، مشيراً إلى عدم أتباع المؤسسة هذه العملية حتى في موسم التفاح الذي وصل سعره اليوم في أسواق الجملة في محافظة حماه إلى 1600 ليرة في الوقت الذي باعه المزارع بـ600 ليرة، لكن في حال اشترته السورية للتجارة من الفلاح بـ1000ليرة ومن ثم طرحته في فروعها  ب1200 كانت حققت أرباح لجميع الأطراف، إلاّ أن عقلية التفكير المرنة هذه غير متوفرة عند السورية للتجارة التي هي مؤسسة تدخل وحيدة للأسف.