واشنطن تقود أوروبا إلى “باكس أمريكانا” ثالث
تقرير إخباري:
على أوروبا أن تستيقظ من سُباتها.. هذا ما أطلقته المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا من توصيف دقيق للحالة التي تعيشها الدول الأوروبية، وذلك في ظل انقيادها الأعمى للسياسات الأمريكية فيما يخص التعاطي مع روسيا، حيث انساقت بطريقة التنويم المغناطيسي خلف الدعاية الأمريكية بأن روسيا سوف تنتهي من أوكرانيا لتلتهم سائر دول القارة.
فهل تعي أوروبا أن الولايات المتحدة كانت المستفيدة من الحربين العالميتين السابقتين اللتين شنّتهما دول غربية، وتفكّر مليّاً في الأسباب التي تدفع واشنطن إلى جرّ أوروبا إلى حرب كبيرة في مواجهة روسيا، وذلك بدلاً من الحالة الطبيعية للعلاقات التي ينبغي أن تكون قائمة بين الدول الأوروبية وجارتها الشرقية الروسية التي تعدّ المورّد الأول لمصادر الطاقة لهذه الدول، فضلاً عن كونها جاراً تقليدياً لها لابدّ من التعايش معه، “ألا يفهمون أن الولايات المتحدة تجرّ أوروبا إلى حرب كبيرة؟ لماذا؟ لأن واشنطن لم يكن لديها منذ فترة طويلة موارد أخرى لتأمين الدولار والحفاظ على نمو الاقتصاد الأمريكي، باستثناء خلق بؤر التوتر في العالم”.
فقد أنشأت واشنطن باكس أمريكانا على الرماد الذي نشأ عن الحربين العالميتين الأولى والثانية، وقامت بموجبه بلعب دور شرطي العالم الذي من حقّه استخدام القوة لتحقيق السلام والأمان، وهي تظنّ أن على الأوروبيين السير خلفها في ذلك.
ورغم أن ما قالته زاخاروفا تردّد كثيراً على لسان المفكّرين والسياسيين الأوروبيين، إلا أن هناك حالة من الانقياد الأعمى تسيطر على قادة أوروبا الذين يبدو أنهم عبيد لواشنطن ينفّذون أوامرها بمعزل عن مصالح شعوبهم، وهذا ما أشار إليه نائب رئيس الوزراء الإيطالي ووزير الخارجية والتعاون الدولي أنطونيو تاجاني، من أن أوروبا ليس لديها سياسة خارجية ودفاعية حقيقية “هناك الكثير من الغيرة بين الدول، كما أن أوروبا دائماً تأتي خلف الولايات المتحدة”.
أما المرشح الرئاسي النمساوي السابق، الإعلامي، جيرالد غروش، فقد قال: اتضح أن الاتحاد الأوروبي بدا “أحمقَ مفيداً” للولايات المتحدة في الأزمة الأوكرانية.
وأوضح غروش في مقابلة مع وكالة “نوفوستي” أنه حتى الآن واشنطن هي المستفيدة الوحيدة من الصراع في أوكرانيا، مشيراً إلى أن المجمع الصناعي العسكري الأمريكي أظهر “أعلى أرباح منذ عام 1945”.
وقال: “لا بدّ أن نعرف، أن هذا صراع بين الولايات المتحدة، أو بالأحرى حلف شمال الأطلسي من ناحية وروسيا من ناحية أخرى”.
وأوضح أن ما يجري هو انعكاس للعجز وعدم قدرة الاتحاد الأوروبي على دمج روسيا في سياسة أمنية مشتركة، مشيراً إلى أن العقوبات ضد روسيا كانت “خطأ فادحاً وخطيراً نتج عن ردّ فعل عاطفي مفرط من جانب القيادة الأوروبية”.
ولكن هل تستطيع أوروبا الاستفاقة من سباتها العميق بالفعل، وماذا لو أنها أفاقت متأخرة؟.
يبدو أن الطريق الذي سلكه القادة الأوروبيون لا يستطيعون الرجوع عنه، لأن هناك من أوحى لهم بالفعل أن الاستمرار في تغذية الحرب في أوكرانيا وصولاً إلى هزيمة روسيا استراتيجياً هو الطريق الوحيد للسلام، وهذا منتهى السخف والغباء، لأن موسكو لا تزال تحاول إقناع الأوروبيين بأن عليهم التراجع قبل فوات الأوان، ولكن على ما يبدو لن تستطيع المناشدات الروسية لهم إقناعهم بالانحياز نحو السلام، لأنهم بالفعل أموات لا يستطيعون السمع، وبالتالي فإن الكارثة على أوروبا قادمة لا محالة، وروسيا باتت مقتنعة أنها باتت تنفخ في رماد عقول الأوروبيين.
طلال ياسر الزعبي