الاتحاد الأوربي سيسقط بدون رصاصة واحدة
أوضح الدبلوماسي البريطاني السابق أليستير كروك كيف حطمت المرونة الروسية، وروح الصمود الإيراني، على مدى العقود الأربعة الماضية، افتراضات المخابرات الأنغلو أمريكية. ونوه كروك إلى أن واشنطن تستخدم عقيدة “الصدمة والرعب” للانتصار على روسيا بكل الطرق التي يمكن تخيلها مع دعم عسكري لامتناهي إلى أوكرانيا. ورغم كل ذلك، صمدت روسيا، حيث تطغى الحقائق والتطورات على أرض الواقع على الخيال، فيما تبرز دول الجنوب بنموذج اقتصادي متميز، وتعزف عن الاعتماد على الدولار الذي يتسارع انهياره بحيث يدفع بالإمبراطورية إلى أزمة وجودية حقيقية.. وكل هذا يلوح في الأفق، ويعيد الى الذاكرة حرب فيتنام.
الآن باتت أوكرانيا أول عضو في الناتو دون أن تكون عضواً رسمياً في الواقع، ودون أن تتمتع بأدنى درجة من السيادة الوطنية، مع جنود نازيين مسلحين بالدبابات الأمريكية والألمانية، حيث عزز اجتماع مجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية – التي تسيطر عليها الولايات المتحدة بالكامل – في قاعدة رامشتاين الجوية الأمريكية، قبل أيام، نوعاً من إعادة المزج الدنيئة لعملية “برباروسا” أيام الحرب العالمية الثانية، حيث يشهد العالم مرة أخرى إرسال جنود ألمان إلى أوكرانيا لمحاربة روسيا.
لقد تم تقليص الاتحاد الأوروبي بشكل أساسي إلى مرتبة الذراع الدافعة للعلاقات العامة لحلف الناتو، فقد تم تحديد كل شيء في البيان المشترك الصادر في 10 كانون الثاني الجاري، والذي يركز على فكرة أن المهمة المشتركة بين الناتو والاتحاد الأوروبي تتمثل في استخدام جميع الوسائل الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وفقاً لـ “النظام الدولي القائم على القواعد”، ونهب موارد العالم إلى ما لا نهاية.
وبالعودة الى الوراء، لم يتغير شيء على الإطلاق في الجهاز العسكري / الاستخباراتي الأمريكي منذ أحداث 11 أيلول، أي الهيمنة الكلية للولايات المتحدة، وحلف شمال الأطلسي، حيث تنقسم الخطة (أ) إلى قسمين: أولاً التدخل العسكري في دولة جوفاء مثل أفغانستان وأوكرانيا. وثانياً هزيمة عسكرية مذلة كما حدث في أفغانستان وقريباً في أوكرانيا. لكن ماذا عن الخطة (ب).. أين هي؟
في الماضي قال ماكيندر، مؤسس علم الجغرافيا السياسية، أن الإمبراطورية قاتلت من أجل السيطرة على الكتلة البرية الأوراسية خلال الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، لأنها مثلت السيطرة على العالم. لاحقاً، حذر زبيغنيو بريجنسكي في كتابه “رقعة الشطرنج الكبرى” أنه من المحتمل أن يكون السيناريو الأكثر خطورة هو تحالف كبير بين روسيا والصين وإيران. وبالنظر إلى كتاب “العشرينات الهائجة”، يدرك المرء أن الولايات المتحدة هي التي حرضت على إنهاء صادرات الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا. بمعنى، أن المحافظين الجدد المسؤولين عن السياسة الخارجية الأمريكية يمكن لهم استيعاب تحالف استراتيجي بين روسيا والصين مهما كان ذلك مؤلماً، ولكن ليس رؤية تحالف بين روسيا والصين وألمانيا.
ومع انهيار الاتفاق النووي، تستهدف إيران الآن بأقصى درجات العداء، لكن إذا أرادت طهران الدخول على خط المواجهة فلن تتمكن البحرية الأمريكية أو الجيش الأمريكي من إبقاء مضيق هرمز مفتوحاً، لأنه بكل بساطة قد يصل سعر النفط في هذه الحالة إلى آلاف الدولارات للبرميل الواحد وفقاً لخبراء المشتقات النفطية، ما سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد العالمي بأسره. وهو ما يؤكد أنه بدون إطلاق رصاصة واحدة، يمكن لتحالف روسي إيراني تمزيق الناتو، وإسقاط العديد من حكومات الاتحاد الأوروبي مع احتدام الفوضى الاجتماعية والاقتصادية في الغرب الجماعي.