أوروبا منزوعة السيادة منذ 74 عاماً
تقرير إخباري:
هذا ما قاله السيناتور الروسي أليكسي بوشكوف، الذي أكد أن الدول الأوروبية سلّمت مفاتيح قيادتها إلى حلف شمال الأطلسي “ناتو” منذ نحو 74 عاماً أي أنها وُضعت تحت سلطة انتداب الولايات المتحدة الأمريكية.
فأوروبا لم يكن لها سيادة عسكرية أبداً منذ عام 1949، حيث أصبحت القضايا العسكرية تحت سلطة الناتو، أي الولايات المتحدة بشكل أساسي، التي تغطي ثلاثة أرباع ميزانية التحالف ولديها قواعد عسكرية في أوروبا، يمكن أن تكون شكلاً مزخرفاً من أشكال الاحتلال، وفكرة إنشاء القوات المسلحة للاتحاد الأوروبي التي نوقشت في أواخر الثمانينيات تحت اسم العمود الأوروبي لحلف شمال الأطلسي، لم يتم تنفيذها أبداً.
فالسيادة العسكرية للاتحاد الأوروبي مستحيلة في ظروف مشاركة جميع الدول الأعضاء تقريباً في الاتحاد الأوروبي في الناتو، وهذا ليس أكثر من وهم سياسي وغير قابل للتحقّق لسراب أوروبا الماضي، ولو تم إنشاء مقر الدعم الأوروبي لحلف الناتو، لوجد نفسه في تناقضات حادة مع هياكل القيادة العسكرية للتحالف، حيث سيسبّب بعض الإزعاج لواشنطن ولن يرى بعض الأوروبيين حاجة إليه بعد حلول الناتو محل هذه الفكرة بشكل كامل، كما أن هناك سبباً آخر مهمّاً، وهو أنه لم يعُد الاتحاد الأوروبي لاعباً مستقلاً على الساحة العالمية، حيث أكدت الأزمة الأوكرانية ذلك تماماً.
فالاتحاد الأوروبي مع فقدانه ذاتيته في السياسة الخارجية، تحوّلت هياكله إلى فرع أوروبي لوزارة الخارجية الأمريكية، حسب بوشكوف، إذ ظهر ذلك جليّاً مع انصياع أغلب أعضاء هذا الاتحاد للأوامر التي تأتيهم من خلف المحيط بضرورة تزويد النظام الأوكراني بالسلاح، حتى لو كان ذلك على حساب اقتصادات تلك الدول وأموال شعوبها دافعي الضرائب الذين يتعيّن عليهم هم أيضاً أن يساهموا في ذلك، لأن دولهم باتت عاجزة عن حمايتهم، وبالتالي عليهم تسليم القياد لواشنطن التي أوهمتهم بالقدرة على حمايتهم في مواجهة العدو المفترض الذي هو الاتحاد الروسي، بينما تستثمر واشنطن الغرب الجماعي في حرب تشنّها بالوكالة على روسيا، تماماً كما فعل الزعيم النازي أدولف هتلر في الحرب العالمية الثانية حيث سخّر إمكانات أوروبا وشعوبها كاملة في خدمة غزوه للأراضي الروسية.
كل هذه النظرة السلبية تكوّنت لدى المسؤولين الروس حول أوروبا على خلفية الاشتباك الحاصل بين الغرب وروسيا حالياً في أوكرانيا، رغم أن بعضهم لا ينكر فهمه للأمر على هذا النحو قبل الحرب، ولكن كان يمنعهم من إعلانه الإبقاء على جسر للتواصل مع أوروبا، يمنع ربما الارتماء الأوروبي النهائي في أحضان واشنطن، غير أن السفن جرت في هذا السياق عكس ما يشتهيه الروس، إذ إن سقوط الاتحاد الأوروبي في القبضة العسكرية لحلف شمال الأطلسي الأمريكي حدث قبل ذلك بكثير.
ومن هنا حقّ لبوشكوف أن يتساءل: “لماذا تحتاج أوروبا إلى جيشها في هذه الظروف؟ ما هي السيادة غير الموجودة التي يجب أن تجسّدها؟ لقد وضعت الأزمة الأوكرانية حدّاً لهذه الخطط”.
طلال ياسر الزعبي