سورية ليست بمنأى عن الزلازل!
علي عبود
تاريخياً هذه الهزة الأقوى بعمر التسجيلات في مركز الرصد الزلزالي.. المركز الوطني للزلازل: ستحدث هزات ارتدادية أضعف من الهزة الرئيسية.. زلزال بقوة ٧.٧ عند الساعة ٤ و١٧ يضرب شمال لواء إسكندرون في مساحة منطقة غازي عينتاب.. هزة أخرى بقوة ٦.٤ في منطقة طوروس، وزلزال آخر على الحدود السورية التركية بقدر ٦.٣ درجة، ستحدث هزات ارتدادية أضعف من الهزة الرئيسية.
هذا ما قاله المرصد، أما ما سنقوله فهو إنه ليست المرة الأولى التي تتعرّض فيها سورية لزلازل عنيفة، وقد يكون الزلزال الأخير حسب المركز الوطني للزلازل الأقوى بعمر التسجيلات خلال العقود الماضية، لكن التاريخ يحدثنا عن زلازل مدمّرة تعرّضت لها دمشق واللاذقية وحلب، كما أن تعرّض المنطقة بكاملها خلال العقدين الأخيرين لهزات متتابعة يؤكد ما قاله الخبراء في تسعينيات القرن الماضي بأنها دخلت دائرة الخطر الشديد!
لقد نشرنا في جريدة البعث مقالة بتاريخ 8/ 6/ 1996 عنوانها “سورية ليست بمنأى عن الزلازل”، توقع فيها الدكتور عادل عوض، مؤلف كتاب “الزلازل مأساة هزت العالم”، أن زلزالاً بدرجة 7 ريختر سيقع حتماً خلال الـ 40 – 50 عاماً القادمة، في أيّ من سورية ولبنان والأردن، وأكد أن الحدّ الأقصى المحتمل لمثل هذا الزلزال هو عام 2040.
ماذا يعني هذا التنبؤ المستند إلى قراءات علمية؟
الزلزال الأخير الذي تأثرت به بشكل خاص حلب واللاذقية وحماة، وأدى إلى وقوع عشرات الضحايا والجرحى والمفقودين، كان تأثراً بمركز حدوثه في تركيا، ما يعني أن سورية ليست بمنأى عن الزلازل فقط، بل هي لم تستعدّ للخطر القادم على الرغم من التحذير الذي أطلقناه في جريدة البعث منذ 26 عاماً.
من المهمّ أن يُطمئننا المركز الوطني للزلازل بأن الهزات الارتدادية ستكون أضعف من الهزة الرئيسية، لكن الأكثر أهمية أن يضع بأيدي الحكومة دراسة عنوانها “ما الإجراءات الهندسية المطلوب تنفيذها في المنشآت والمباني القائمة، أو التي ستقام مستقبلاً لمواجهة الزلازل؟”.
نعم، طالبنا في مقالتنا المنشورة في البعث بتاريخ 8/ 6/ 1996 بخطة عمليات متكاملة في كلّ محافظة للتدخل السريع ضد الأخطار الزلزالية، بعد أن سجّل مركز الرصد الزلزالي عدداً كبيراً من الهزّات في سورية خلال عام 1995، ولكي نحثّ الجهات الحكومية على التحرك لمواجهة الخطر القادم الذي سيقع حلال فترة أقصاها 2040 نشرنا جدولاً للزلازل التي ضربت سورية وكان لها آثارها المدمّرة من عام 1356 ق. م وحتى عام 1956 م.
وبعد أربعة أشهر فقط شعر عدد كبير من سكان دمشق وطرطوس واللاذقية بالهزة الأرضية التي تعرّضت لها منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، في الساعة 15.11 من يوم الأربعاء 9/ 10/ 1996، وكان مركز هذه الهزة جنوب غرب جزيرة قبرص وقوتها 6.4 على مقياس ريختر.
ومع أن الهزة لم تحدث أضراراً مادية أو بشرية في سورية آنذاك، إلا أنها أثارت ذعراً، وهرع الناس إلى الشوارع لا يعرفون ماذا يفعلون لأنهم تذكروا ما أحدثه زلزال مصر منذ سنوات من أضرار مادية وبشرية.
نعم، الهزة الأخيرة التي خلفت قتلى وجرحى ومفقودين وانهيار أبنية هي جرس إنذار لجميع الجهات المسؤولة، عامة وخاصة، المسؤولة بشكل خاص عن تشييد المنشآت والمباني السكنية.
إن سورية ليست بمنأى عن الزلازل، ولو كانت إحدى المدن الرئيسية هي مركز الزلزال، وبقوة 7.7 ريختر، لكنَّا أمام كارثة حقيقية تماثل الكوارث التي أدّت إلى تدمير دمشق وحلب عدة مرات عبر التاريخ!.
لقد شكّلت الحكومة لجنة مركزية بتاريخ 19/ 1/ 1996 لدراسة موضوع الهزات الأرضية من أجل وضع الخطة اللازمة على ضوء الإمكانيات المتوفرة للتدخل السريع عند حدوث مثل هذه الكوارث مستقبلاً، وما قد تحدثه من خسائر بشرية ومادية، وكانت مهمتها الرئيسية تصنيف المنشآت الحيوية في كل محافظة وتقييم صمودها ضد الخطر الزلزالي، والإجراءات الواجب اتخاذها من أجل تدعيمها.