ردة فعل باهتة وغير إنسانية !
بشير فرزان
إذا كان زلزال بقوة 7درجات وراح ضحيته المئات والعدد مرشح للارتفاع،وإصابة أكثر من 3الاف شخص ودمر أبنية بأكملها في عدة محافظات ، لم يحرك الإنسانية العالمية التي مازالت تقف فيه تتفرج على معاناة الشعب السوري المنكوب في الوقت الذي يتوجه فيه الاهتمام العالمي لتركيا وكيفية مساعدتها مع أن الزلزال ذاته ضرب الدولتين معا ، فهل السبب الوحيد هو العقوبات الغربية على سورية أم أن هناك من يريد أن يستكمل الحرب وإجراءات الحصار لينال من صمود هذا الشعب المقاوم ؟
ولاشك في أن آلاف المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي والرسائل الإعلامية العديدة بما تتضمنه من مناشدة المجتمع الدولي للتحرك لم تلق أذان صاغية وبقيت مجرد نعوات لشعب منكوب يقدم أقصى مالديه شعباً وحكومة لإنقاذ بلده وكما هو معروف فان هذا الزلزال الذي ضرب سورية بحسب العلماء والمختصين والتاريخ الزلزالي للمنطقة هو الأعنف في البلاد منذ أكثر من خمس وثلاثون عاماً، ورغم ذلك لم يتحرك العالم حتى هذه اللحظة لتقديم المساعدات، كما هي العادة في تلك الكوارث الطبيعية التي يستجيب العالم لها مباشرة وبصفة خاصة الزلازل المدمرة،حيث يهرع العالم إلى نجدة الدولة المنكوبة، بغض النظر عن وضع تلك الدولة السياسي أو الاقتصادي فلا فرق في مثل تلك الظروف الاستثنائية بين دولة غنية وأخرى فقيرة، ولا بين دولة تنتمي لما يوصف بالعالم الأول أو الثاني أو الثالث، فالاعتبارات الإنسانية تكون المحرك الأول عادة وهناك حقائق تؤكدها عشرات الحوادث والكوارث السابقة حيث قدمت فيها المساعدات ضمن الاستجابة الفورية في هذه الحالات وهي الأمر الطبيعي والمتكرر في الكوارث الطبيعية. والزلازل تحديداً يعتبر من أخطر الكوارث الطبيعية وأكثرها تدميراً بسبب استحالة التنبؤ بها رغم التقدم التكنولوجي الهائل الذي حققته البشرية.
ومن المؤسف القول .. أن الحالات المشابهة التي وقعت في الماضي شهدت انهمار المساعدات من جميع الدول، وأصبحت متابعة عمليات الإنقاذ الأكثر متابعة وتغطية إعلامية من أركان الكرة الأرضية الأربعة ولكن مانراه اليوم في الكارثة السورية
على النقيض تماماً فشعب سورية يواجه محنته وحيداً وجاء ذلك التعاون الدولي الإنساني “فاتراً وباهتاً” بصورة لافتة. فمن ناحية التغطية الإعلامية لم تشغل أخبار الزلزال حيزاً يذكر من التغطية الإخبارية حول العالم واللافت هنا هو أن الحديث عن العقوبات الغربية، التي فرضت على سورية جاء مرادفاً للتغطية “الشحيحة والخجولة” للكارثة الطبيعية المدمرة في البلاد وعلى الرغم من
من أن العديد من شخصيات المجتمع المدني على مستوى العالم قد توجهوا بنداءات استغاثة للعالم عبر صفحاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، كي يتم رفع أي حواجز أو عوائق أمام وصول المساعدات للمناطق المنكوبة جراء الزلزال، فإن الاستجابة لا تزال “صفراً” حتى الأن. وتعمل الحكومة السورية في إطار قدراتها المتاحة فقط.
ولابد من التأكيد بأن هناك أساس قانوني يضع أعمال الإغاثة العاجلة في ظروف الكوارث الطبيعية تحت تصنيف “مساعدات إنسانية” وليس “مساعدات تنموية”، وهو ما يعطي الدول الراغبة في تقديم المساعدة حجة قوية في مواجهة العقوبات الأمريكية خصوصاً والغربية عموماً. ورغم وجود خيط رفيع أو منطقة رمادية بين تصنيف “مساعدات تنموية” و”مساعدات إنسانية”، فإن كارثة طبيعية كهذا الزلزال المدمر في سورية لا تحتاج للتفكير عند الاستجابة لها، لذلك يجب أن تتحرك وكالة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة على الفور، لتنسيق جهود الإغاثة الدولية سورية التي يجب أن لاتتعرض للعرقلة بسبب العقوبات، فالأساس القانوني لتقديم الإغاثة الإنسانية موجود وقائم بالفعل
الخلاصة هنا أن الشعب السوري يقف وحيداً في مواجهة الفاجعةالتي تؤكد من خلال المبادرات الأهلية والمجتمعية داخل المجتمع السوري قوة وصلابة النسيج الوطني وقدرته على مواجهة المحن مهما عظمت وكبرت تداعياتها ونتائجها .