مجلة البعث الأسبوعية

الدراما ليست صناعة بلا سقف وتسهيلات تحت سقف القانون

أمينة عباس

منذ تسلّمه لمهامه كوزير للإعلام حرص د.بطرسالحلاق على عقد عدّة لقاءات مع لجنة صناعة السينما والتلفزيون وأصحاب شركات الإنتاج لمعالجة المشكلات التي تعيق عملهم في سورية انطلاقاً من إيمانه بأن الدراما صناعة تحتاج إلى بيئة صحيحة لجذب المستثمر إليها، لذلك سبق وأن أكد في لقاءاته المتعددة مع لجنة صناعة السينما والتلفزيون وأصحاب شركات الإنتاج دعمه ومساندته لمقترحات المنتجين وإيجاد خطة عمل بهدف الارتقاء بالعمل الفني،وتوّجت هذه اللقاءات بورشة “الدراما السورية.. صناعة فكر ومسؤولية مجتمعية” والتي أُقيمت في الشهر السابع من العام الماضي بحضور رئيس مجلس الوزراء،وبيّن فيها د.الحلاق أن هذه الصناعة ليست مسؤولية حكومية فقط بل مسؤولية الجميع، والورشة خطوة أولى في هذا المجال،وهو لا يراها كافية لإعطاء كل الحلول، وإنما هي خطوة يجب أن تعقبها جلسات عمل للوصول إلى آلية للعمل الدرامي.. من هنا كان اللقاء الذي عُقِد مؤخراً في فندق شيراتون بحضوره وحضور وزير الصناعة زياد الصباغورئيس غرفة صناعة دمشق وريفهاغزوان المصريونقيب الفنانين محسن غازيورئيس مجلس إدارة لجنة صناعة السينما والتلفزيون علي عنيز وأصحاب شركات الإنتاج لمتابعة حيثيات الإنتاج الدرامي على أرض الواقع والاستماع لمداخلات المنتجين للوقوف على المشكلات التي مازالوا يعانون منها، مؤكداً الحلاق أن هذه اللقاءات مهما تكررت ستستمر من أجل الحوار بهدف الوصول إلى حلول تصب في مصلحة صناعة الدراما في سورية، مع إشارته إلى أنه أُنجِز في الموسمين الماضين عدد جيد من الأعمال الدرامية، مع وجود نصوص عديدة مهيأة للإنتاج هذا العام،وهذا برأيه مؤشر لحل بعض المشكلات ووجود تسهيلات وجو أفضل للعمل الدرامي،مع تأكيده على أن لكل مجتمع ضوابط، وأن الدراماليست صناعة بلا سقف، وأن الهدف دوماً تقديم دراما تليق ببلدنا، لذلك فإن المطالب بوجود تسهيلات أمر يتفق معه،ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار أن تأمين هذه التسهيلات لايعني الخروج خارج القوانين المرعيةوهيتسهيلات تحت سقف القانون لأن إقامة أي صناعة خارجه وبجودة متدنية لا يضمن استمرارها، لذلك طالب بدراما سليمة المضمونلأن الدراما السيئة مرفوضة،خاصة وأن الدراما السورية كانت بعيدة عن أي أذى أخلاقي أو ثقافي، مؤكداً أنه في السنوات العشر الماضية قُدّمت دراما أساءت لمجتمعاتنا بهدف التوزيع، منوهاً إلى أن وزارة الاعلام أنجزت 14 مسلسلاًالعام الماضي،واليوم يوجد 34 نصاً للإنتاج، وهذا مؤشر لتحسّن الوضع على الرغم من كل الظروف الصعبة التي نعيشها في بلدنا والتي تجعل كل من يبدع بطلاً، منوهاً إلى أهمية مؤسسة صناعة الدراما، ووزارة الإعلام معنية فيها بالمحتوى، وقانون اتّحاد المنتجين أُعِدّ وهو في مجلس الوزراء حالياً وهو يمثل مصالح المنتجين،وقانون الإعلام الجديد يتضمن ترخيص قنوات تلفزيونية.

 

حامل رسالة

وأشار وزير الصناعة السيد زياد الصباغ إلى أن وزارة الصناعة تشجع أي عمل صناعي بغض النظر عن المحتوى “فكري–درامي-تحويلي” مشيراًإلى الجهود الكبيرة التي تقوم بها وزارة الصناعة لتذليل العقبات أمام الإنتاج الدرامي وإلى القرارات الحكومية الأخيرة المالية التي تسهل العمل في كل القطاع الإنتاجي بمختلف تفرعاته، مبيناً أننا نفتخر بإنتاجنا الدرامي لأنه حامل رسالة إلى العالم ليحكي عن واقع بلدنا بشكل حضاري من خلال شركات الإنتاج والعاملين في الحقل الدرامي.

 

أسس وضوابط

وبيّن غزوان المصري رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها أن هذا اللقاء كان ضرورياً لمناقشة واقع العمل وتطوير آليات الإنتاج الفني وتذليل العقبات التي تعترض عودة تألق صناعة السينما والتلفزيون بكل مكوناتها وازدهارها الوطني والإقليمي والدولي وتعزيز تنافسيتها أمام الإنتاج الفني العربي ومعالجة المعوقات ووضع الأسس والضوابط لعودة انطلاق هذه الصناعة وانطلاقاً من تأكيد السيد رئيس الجمهورية د.بشار الأسد على دور الدراما السورية في إصلاح المجتمع وتوعيته وضرورة عكس الواقع كما هو في الأعمال الدرامية للمساعدة في عودة مصداقية الدراما السورية إلى تألقها وضرورة احترام جميع الآراء حول الإنتاج الدرامي السوري،وأكد المصري على دعم هذه الصناعة والعمل على الارتقاء بها من خلال دعم المنتجين من خلاللجنة صناعة السينما والتلفزيون التي تُعتبر الجهة الأساسية التي تمثل هذا القطاع الصناعي الهام، داعياً المصري شركات الإنتاج للعمل المشترك ودعم هذه الصناعة الهامة، آملاً من كل اللقاءات التي تُعقد تحقيق الهدف في نشر ثقافة الجودة والإتقان والاحتراف في صناعتنا السينمائية والتلفزيونية.

 

مطالب محقة

وتمنى محسن غازي نقيب الفنانين عودة الدراما إلى ما كانت عليه، وأن تلتزم بتقديم محتوى يليق بسورية، مع إيمانه أن الفنان لا يمكن أن يعمل دون شركة إنتاج، ولا أهمية لشركة دونه، وأنه انطلاقاً من هذه القاعدة التي يؤمن بها كان ميالاً دوماً للتعاون الدائم مع لجنة صناعة السينما والتلفزيون لما فيه خير للعمل، ورأى أن مطالب شركات الإنتاج محقة، متمنياً أن يبقى الانسجام قائماً بين الجميع حرصاً على درامانا السورية وصناعها.

 

المنتَج الدرامي سفير لسورية

وعبّر أصحاب شركات الإنتاج عن تفاؤلهم باللقاءات التي يعقدها وزير الإعلام مع شركات الإنتاج رغبة منه ومن صنّاعها بتذليل العقبات التي أدّت إلى تراجعها ومحاولة إيجاد الحلول للعديد من المشكلات التي تتعرضلها والتي يجب أن يحرص الجميع على عدم تصدير ما هو سيء عبرها عبر تقديم منتَج جيد ليجد طريقه للبيع الذي يسعى إليه صنّاعه، ومع هذا أسِفَالمنتج والمخرج مظهر الحكيم لأن انتاجنا بطيء بسبب عدم القدرة على توزيع أعمالنا، مؤكداً أن المنتج الدرامي سفير لسورية، وعودة النشاط لها وتحقيق نجاح إعلامي وسياسي لسورية بحاجة لهذا الإعلام، لذلك من الأهمية تذليل الصعوبات التي تحول دون تحقيق ذلك، خاصة ما يتعلق بالمشكلات التي يتعرض لها أصحاب الأعمال الدرامية أثناء التصوير من فرض ضرائب ورسوم والعقبات الكبيرة التي تحول دون تسويق الأعمال الدرامية، مذكّراً أن الدراما السوريّة وصلت في مرحلة من المراحل نافست فيها الإنتاجات المصريّة، إلا أن عثرات كثيرة واجهت عملها، فتلاشت مع الوقت جهودها وتراجع واقع العمل الدرامي الذي ازدهر.

 

توزيع الأعمال

ورأت الكاتبة ديانا جبور أن أهم معضلة تعاني منها الدراما السوريّة هي توزيع الأعمال، وأن هذا الموضوع كبير ويتطلب استثماراً في العلاقات السياسية والاقتصادية، لذلك فإن مهمة اللجنة في المرحلة القادمة برأيها مخاطبة الطبقة السياسية والاقتصادية لاستثمار علاقاتها للتسويق للدراما، ودون ذلك فإن التسويق برأيها سيبقى من خلال دكاكين متفرقة، مع تأكيدها على أهمية إنشاء رابطة للموزعين منعاً لتضارب عمل موزع مع الآخر كما يحدث في الوقت الحالي، مع ضرورة وجود صندوق دعم الإنتاج الدرامي، وهو صندوق سيادي يكون مُتاحاً للمُنتجين لتنفيذ أعمال ذات موضوعات نوعية وقيّمة فنية جديدة، ومن الصعوبة توزيعها خارج سورية، مع تأكيدها على ضرورة وجود حالة تشاركية بين القطاعين العام والخاص لدعم حركة الإنتاج.

 

تذليل الصعوبات

ولم ينكر أ.عبد الرزاق حوراني وهو أحد أعضاء لجنة صناعة السينما والتلفزيون أن الدراما السوريّة تواجه تحديات كثيرة على صعيد الإنتاج،وأن أعمالاً كثيرة أُلغي تصويرها في سورية بسبب التعقيدات المالية.

في حين رأى الكاتب خلدون قتلان أن التعامل مع الدراما على أنها صناعة سيتوقف ما لم يتمّ تطوير جميع أدواتهافي ظل وجود مشكلات كثيرة ضمن هذا القطاع، أهمها عدم وجود محطات سورية خاصة تشجّع رأس المال السوري على دخول هذه الصناعة.

 

نركض والعالم يسبقنا

كما عبّر المنتج سليمان قطان عن تفاؤله الكبير بإصرار وزارة الإعلام ولجنة صناعة السينما والتلفزيون على تذليل الصعوبات أمام المنتج السوري منوهاً إلى أن كل صناعة في العالم لها معايير محددة، والمطلوب هو الوقوف على هذه المعايير ليستطيع المُنتج العمل وفقها والالتزام بها، مشيراً إل أنه ما يزال حتى اللحظة يذكر كلام وزير الإعلام في أول لقاء معه مع المنتجين: “ارفعوا سوية الدراما وأنا موافق على كل أعمالكم” ورأى أن ماتم إنجازه حتى اللحظة جيد جداً،لكننا حين ننظر حولنا نجد أننا نركض والعالم يسبقنا في ظل وجود دول سعت منذ سنوات إلى سحب البساط من تحت الدراما السورية فبدأت تتلقف نجوم درامانا من فنانين وفنيين ومنتجين وإعطائهم تسهيلات وخدمات، راجياً من الجهات المعنية احتضان صناعة سورية مؤصلة وواجهة حضارية برّاقة.