دوري السوبر الأوروبي يعود للحياة مجدداً وتغيير شكل كرة القدم وارد
البعث الأسبوعية- المحرر الرياضي
في نقطة تحول قد تغيّر وجه كرة القدم الأوروبية والعالمية أصدرت محكمة في العاصمة الإسبانية مدريد قراراً يصبّ في صالح مشروع دوري “السوبر ليغ” حيث منع معاقبة الأندية المؤسسة للبطولة من قبل الاتحادين الدولي والأوروبي لكرة القدم، حيث تمكنت أندية برشلونة وريال مدريد ويوفنتوس من التغلب على الاتحادين وبات بإمكانها إقامة مسابقة كرة قدم احترافية مستقلة بحرية تامة.
قرار المحكمة الإسبانية جاء بمثابة رد على محكمة العدل الأوروبية التي كانت قد شددت على وجود تضارب بين الأندية التي تسعى لإنشاء البطولة وبين الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، مؤكدة على ضرورة موافقة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على أي مشروع مشابه لبطولة السوبر ليغ، كون قواعد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم والفيفا تنص على أن تحصل أي مسابقة جديدة على موافقة مسبقة تتوافق مع قانون المنافسة في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
فكرة جديرة
بطولة السوبر ليغ كانت مجرد فكرة عام 2019 قبل أن يتم إنشاء رابطة لها والإعلان عن إطلاقها رسمياً بداية العام الماضي، وذلك بمشاركة 12 نادياً أوروبياً ثلاثة منها إسبانية (ريال مدريد-برشلونة-أتلتيكو مدريد)، وستة إنكليزية (مانشستر يونايتد-ليفربول-مانشستر سيتي-تشلسي-أرسنال-توتنهام)، وثلاثة إيطالية (ميلان-إنتر ميلان-يوفنتوس)، على أن يتم إضافة خمس أندية أخرى في كل موسم حسب نتائجها ولم تشمل قائمة الأندية الأساسية أي نادٍ من ألمانيا وفرنسا.
لكن بعد الهجوم الواسع على البطولة وفكرتها قامت عدة أندية بالانسحاب من هذه البطولة، والبداية كانت من تشلسي ومانشستر سيتي، ثم انفرط العقد وانسحبت باقي الأندية الإنكليزية، ولحق بها على الفور إنتر ميلان وأتلتيكو مدريد.
ورغم هذه الانسحابات، أصر فلورنتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد على أن دوري السوبر لم يمت، مشيراً إلى أنه سيتم عرضه بصيغة مختلفة مجدداً.
سبب واضح
إنشاء بطولة لأقوى الأندية الأوروبية جاء بناء على رغبتها في حصة أكبر من عائدات دوري أبطال أوروبا، لتعويض خسائرها المالية التي تضاعفت بعد جائحة كورونا حتى استدان بعضها ومنها نادي برشلونة.
وستحصل الأندية المؤسسة على 3.5 مليارات يورو (4.19 مليارات دولار) لدعم خطط الاستثمار في البنية التحتية ومواجهة تداعيات كورونا، بينما سيحصل البطل على نحو 400 مليون يورو، وهو مبلغ ضخم يبلغ أكثر من 3 أضعاف الـ 120 مليون يورو التي يمنحها اليويفا للفائز بدوري أبطال أوروبا كل عام، على أن توزع 1.95 مليار يورو على فرق دوري السوبر الأوروبي، حيث سيتم تسليم 488 مليونا (25%) دفعات أولية و585 مليونا بناءً على النتائج.
وستذهب 30% أخرى من المدفوعات على أساس ما حققه النادي على مدى السنوات العشر الماضية، وسيترك 292 مليون يورو (15%) ستنفق في أبواب الصرف الإضافية.
تمويل أمريكي!
فكرة بهذا الحجم كان لابد لها من ممول كبير وبالفعل تصدى بنك الاستثمار الأميركي لهذا الأمر وقدم قرضاً كبيراً جاوز الملياري دولار لدعم الفكرة، ليكون التساؤل الكبيرعن مدى الأرباح التي يمكن أن تحقق من مباربات البطولة التي ستقام على مدار الموسم.
الأندية المشاركة كانت تتوقع أن تصل قيمة عائدات البث التليفزيوني للبطولة إلى 10 مليارات يورو، وهي قياسية مقارنة بـ 4 مليارات فقط حققها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عام 2020 من البث التلفزيوني لكل مسابقاته.
وبالنظر إلى الشعبية العالمية الجارفة للفرق المشاركة في البطولة، وعدد مبارياتها الذي سيبلغ نحو 100 مباراة ستقام بنظام الذهاب والإياب، يمكن تسويقها بعقود ضخمة غير مسبوقة، وسيضاعف من أهمية البطولة من الناحية التسويقية أنها ستغطي على كل الأحداث الرياضية الكبرى على مستوى الأندية وخاصة دوري أبطال أوروبا الذي يتوقع أن تتركه الشركات المعلنة العملاقة للالتحاق بركب الدوري الأقوى.
ويتوقع خلال سنوات قليلة أن تكون الأندية المؤسسة لدوري السوبر الأوروبي الوجهة الأفضل لأبرز نجوم العالم لأنها ستكون الوحيدة القادرة على دفع رواتبهم الضخمة، حيث يتوقع أيضاً أن ترافق طفرة الإيرادات ارتفاع كبير في عقود ورواتب نجوم اللعبة.
موعد مفترض
التداعيات القانونية الجديدة ستجعل موقف الأندية المؤسسة قوياً للغاية كون الاتفاق الأولي يحدد موعداً واضحاً للبطولة، حيث أكد المدير العام الجديد للبطولة الألماني بيرند ريشارت أن موسم 2025 سيكون موعد إطلاقها رغم معارضة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
وشدد ريشارت على أن الخطوة التي يقودها ممولو المنافسة تبدو واثقة رغم الفشل الذي ضربهم في 2021 بعدما اصطدم مخططهم في إنشاء بطولة أوروبية للأندية الكبرى برفض أوروبي ودولي.
هذا الموعد أجبر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على القيام بمشروع لإصلاح شكل دوري الأبطال تحسباً لموسم 2025 وذلك برفع عدد المتنافسين إلى 36 عوضاً عن 32 فريقاً، مع بطولة مصغرة من ثماني جولات عوضا ًعن دور المجموعات التقليدي، بينما ترتفع قيمة المداخيل التلفزيونية إلى 15 مليار يورو كرقم استثنائي على امتداد ثلاثة مواسم كاملة.
دفاع مستميت
وبعيداً عن أمور القضاء ودهاليز الاتحادين الأوروبي والدولي لكرة القدم بدا رئيس نادي ريال مدريد فلورنتينو بيريز صاحب حجة قوية في الدفاع عن البطولة الجديدة، وتحديداً في فكرة تكرار المواجهات بين الأندية التي قد تصيب المتابعين بالملل مجرياً مقارنة قال فيها: “لماذا نحرم الناس من المواجهات الكبرى تقابل نادال وفيدرر أكثر من 40 مرة، ونادال وديوكوفيتش 59 مرة في كرة المضرب، هل كان الأمر مملاً؟ لم يلتق ريال مدريد وليفربول (الإنكليزي) سوى 9 مرات في 67 سنة”
وأكد بيريز: “كنا في الصدارة في كل الرياضات والآن تراجعنا إلى المركز 13 لقد تجاوزنا 12 نادياً من الرياضات الأمريكية لابد أنهم يقومون بعمل جيد للغاية في الولايات المتحدة وسيئ للغاية في أوروبا، تخسر كرة القدم معركة الترفيه العالمية ضد الرياضات الأخرى ومنصات أخرى إننا بحاجة لإدارة محترفة وحديثة وشفافة، لا تستند إلى الهياكل القديمة المصممة في القرن الماضي”.
وجهة نظر
أمام كل هذه المعطيات تختلط الآراء حول البطولة التي ينظر إليها البعض على أنها زيادة في ترسيخ قاعدة الأندية والصغيرة، فيما يراها البعض الأخر تحدياً لشكل المسابقات الكلاسيكي الذي يحرص على استمراره الاتحادان الأوروبي والدولي وذلك لضمان تدفق الأموال لصناديقهما.
في هذا الإطار حاول رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ألكسندر تشيفرين أن يظهر كمدافع عن صورة كرة القدم حين أوضح في تصريحات صحفية أنه عانى كثيراً بعد الإلان عن السوبر بقوله:”لم أنم ولم آكل شيئاً طيلة 48 ساعة، تلقيت اتصالات دعم وكذلك تهديد، لكن اليوم يختلف الأمر، بقي ثلاثة رؤساء أندية يطالبون بإطلاق المنافسة، وهذا نظراً لأنهم أنانيون، لكن الواقع يقول إنهم كانوا الأوائل في إنهاء إجراءات المشاركة بدوري أبطال أوروبا خشية من العقوبة”.