مشهد استثنائي.. ولكن!
غسان فطوم
مرة جديدة يثبتُ السوريون للعالم أجمع أنهم شعب حيّ يمرض ولا يموت، مبدعون ومتفوقون ومميزون في كلّ المجالات، فهم أبناء أرض معطاءة قدّمت للبشرية أقدم الأبجديات المكتوبة في التاريخ، والتي تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد. وهاهم اليوم في محنتهم، بل نكبتهم مع الزلزال المدمّر يقدّمون دروساً في التكافل والتضامن مع بعضهم بالقلوب المليئة بالمشاعر الصادقة والجيوب الكريمة المفتوحة دون حساب.. يالها من حالة وطنية تعجز الكلمات عن وصفها، لقّنت الأعداء درساً كبيراً، كشفت وجههم الأسود وعرّت أكاذيبهم عن الإنسانية والديمقراطية.
فبعد ساعات من وقوع الكارثة، هبّ السوريون من كلّ حدب وصوب في الداخل والخارج، يتسابقون ويتنافسون في مشهد استثنائي قلّ نظيره، لنجدة المتضررين في اللاذقية وحلب وحماة وإدلب، وفي كلّ مكان تأثر بارتدادات الهزة الأرضية.
وأمام هذه اللوحة الوطنية، ولأننا غيورون على وطننا وحريصون على كرامة المتضررين، نخشى من يحاول تشويهها من قبل ضعاف النفوس، فما يُحكى ويثار من تشكيك بخصوص المساعدات يجب أن يلقى الاهتمام والتوقف عنده مطولاً بكلّ وضوح وشفافية بعيداً عن العمل في الظلّ، فوصول المساعدات، عينية كانت أم مالية، يضع اللجنة العليا للإغاثة أمام مسؤوليات كبيرة لجهة تنظيمها وتوثيقها وإدارتها وتوزيعها حتى تصل بأمانة لمستحقيها، ونحن على ثقة أن لا أحد يحمي الفاسدين عندما يثبت تورّطهم بالتلاعب بالمساعدات أياً كان نوعها، فهناك مادة في القانون تحاسب كلّ من ارتكب جريمة السرقة أثناء الأزمات والكوارث، سواء كانت أموال الدولة أو معونات، وبهذا الخصوص يجب أن نكون حذرين من حملات التضليل المغرضة التي تحاول زرع بذور الشك وتشويه كلّ شيء جميل.
بالمختصر.. سورية الحضارة، سورية الشعب الطيب والنبيل، ستنهضُ من محنتها كطائر الفينيق تنفضُ رماد وغبار الحرب والزلزال، وستعود قوية بهمّة شعبها الصامد، ودعم محبيها من أشقاء وأصدقاء، وفي الختام نحيي كلّ من قدّم مساعدة، ونخصّ بالشكر والتحية رجال الإنقاذ والإغاثة الذين يواصلون العمل، ليلاً ونهاراً، دون راحة بحثاً عن ناجين ما زالوا تحت الركام.